فَقالَ مُعاوِيَةُ : وَاللّهِ يا اُمَّ الخَيرِ ، ما أرَدتِ بِهذَا الكَلامِ إلّا قَتلي ، وَاللّهِ لَو قَتَلتُكِ ما حَرِجتُ في ذلِكَ .
قالَت : وَاللّهِ ما يَسوؤُني يَابنَ هِندٍ! أن يُجرِيَ اللّهُ ذلِكَ عَلى يَدَي مَن يُسعِدُنِيَ اللّهُ بِشَقائِهِ ۱ .
۷ / ۴
اُمُّ سِنانٍ
۳۸۹۱.العقد الفريد عن سعيد بن أبي حذافة :حَبَسَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ ـ وهُوَ والِي المَدينَةِ ـ غُلاما مِن بَني لَيثٍ في جِنايَةٍ جَناها ، فَأَتَتهُ جَدَّةُ الغُلامِ اُمُّ أبيهِ ، وهِيَ اُمُّ سِنانٍ بِنتُ خَيثَمَةَ بنِ خَرشَةَ المَذحِجِيَّةُ ، فَكَلَّمَتهُ فِي الغُلامِ ، فَأَغلَظَ مَروانُ ، فَخَرَجَت إلى مُعاوِيَةَ ، فَدَخَلَت عَلَيهِ فَانتَسَبَت ، فَعَرَفَها ، فَقالَ لَها : مَرحَبا يَابنَةَ خَيثَمَةَ ، ما أقدَمَكِ أرضَنا وقَد عَهِدتُكِ تَشتُمينَنا وتُحِضّينَ عَلَينا عَدُوَّنا ؟ . . . فَكَيفَ قَولُكِ :
عَزُبَ الرُّقادُ فَمُقلَتي لا تَرقُدُ
وَاللَّيلُ يُصدِرُ بِالهُمومِ ويورِدُ
يا آلَ مَذحِجِ لا مُقامَ فَشَمِّروا
إنَّ العَدُوَّ لِالِ أحمَدَ يَقصِدُ
هذا عَلِيٌّ كَالهِلالِ تُحُفُّهُ
وَسطَ السَّماءِ مِنَ الكَواكِبِ أسعَدُ
خَيرُ الخَلائِقِ وَابنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ
إن يَهدِكُم بِالنّورِ مِنهُ تَهتَدوا
ما زالَ مُذ شَهِدَ الحُروبَ مُظَفَّرا
وَالنَّصرُ فَوقَ لِوائِهِ ما يُفقَدُ
قالَت : كانَ ذلِكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، وأرجو أن تَكونَ لَنا خَلَفا بَعدَهُ . فَقالَ رَجُلٌ مِن جُلَسائِهِ : كَيفَ يا أميرَ المُؤمِنينَ وهِيَ القائِلَةُ :
إمّا هَلَكتَ أبَا الحُسَينِ فَلَم تَزَل
بِالحَقِّ تُعرَفُ هادِيا مَهدِيّا
فَاذهَب عَلَيكَ صَلاةُ رَبِّكَ مادَعَت
فَوقَ الغُصونِ حَمامَةٌ قُمرِيّا
قَد كُنتَ بَعدَ مُحَمَّدٍ خَلَفا كَما
أوصى إلَيكَ بِنا فَكُنتَ وَفِيّا
فَاليَومَ لا خَلَفٌ يُؤَمَّلُ بَعدَهُ
هَيهاتَ نَأمُلَ بَعدَهُ إنسِيّا
قالَت : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! لِسانٌ نَطَقَ ، وقَولٌ صَدَقَ ، ولَئِن تَحَقَّقَ فيكَ ما ظَنَنّا فَحَظُّكَ الأَوفَرُ ، وَاللّهِ ما وَرَّثَكَ الشَّنَآنَ في قُلوبِ المُسلِمينَ إلّا هؤُلاءِ ، فَأدحِض مَقالَتَهُم ، وأبعِد مَنزِلَتَهُم ، فَإِنَّكَ إن فَعَلتَ ذلِكَ تَزدَد مِنَ اللّهِ قُربا ، ومِنَ المُؤمِنينَ حُبّا . قالَ : وإنَّكَ لَتَقولينَ ذلِكَ ؟
قالَت : سُبحانَ اللّهِ ! وَاللّهِ ما مِثلُكَ مُدِحَ بِباطِلٍ ، ولَا اعتُذِرَ إلَيهِ بِكَذِبٍ ، وإنَّكَ لَتَعلَمُ ذلِكَ مِن رَأيِنا ، وضَميرِ قُلوبِنا ، كانَ وَاللّهِ عَلِيٌّ أحَبَّ إلَينا مِنكَ ، وأنتَ أحَبُّ إلَينا مِن غَيرِكَ ، قالَ : مِمَّن ؟ قالَت : مِن مَروانَ بنِ الحَكَمِ وسَعيدِ بنِ العاصِ ۲ .