75
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

قالَ المَأمونُ : هذا خِلافُ الكِتابِ أيضا ؛ لِأَنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ» ۱ فَجَعَلتُم عُمَرَ مِثلَ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله !
قالَ آخَرُ : فَقَد شَهِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله لِعُمَرَ بِالجَنَّةِ في عَشَرَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ .
فَقالَ المَأمونُ : لَو كانَ هذا كَما زَعَمتُم ، لَكانَ عُمَرُ لا يَقولُ لِحُذَيفَةَ : نَشَدتُكَ بِاللّهِ أمِنَ المُنافِقينَ أنَا ؟ فَإِن كانَ قَد قالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : أنتَ مِن أهلِ الجَنَّةِ ولَم يُصَدِّقهُ حَتّى زَكّاهُ حُذَيفَةُ ، فَصَدَّقَ حُذَيفَةَ ولَم يَصَدِّقِ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَهذا عَلى غَيرِ الإِسلامِ ، وإن كانَ قَد صَدَّقَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله فَلِمَ سَأَلَ حُذَيفَةَ ؟ وهذانِ الخَبَرانِ مُتَناقِضانِ في أنفُسِهِما .
قالَ الآخَرُ : فَقَد قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : وُضِعتُ في كِفَّةِ الميزانِ ووُضَعَت اُمَّتي في كِفَّةٍ اُخرى ، فَرَجَحتُ بِهِم ، ثُمَّ وُضِعَ مَكاني أبو بَكرٍ فَرَجَحَ بِهِم ، ثُمَّ عُمَرُ فَرَجَحَ بِهِم ، ثُمَّ رُفِعَ الميزانُ .
فَقالَ المَأمونُ : هذا مَحالٌ ؛ مِن قِبَلِ أنَّهُ لا يَخلو مِن أن يَكونَ أجسامَهُما أو أعمالَهُما ؛ فَإِن كانَتِ الأَجسامَ فَلا يَخفى عَلى ذي روحٍ أنَّهُ مَحالٌ ؛ لِأَ نَّهُ لا يَرجَحُ أجسامُهُما بِأَجسامِ الاُمَّةِ ، وإن كانَت أفعالَهُما فَلَم تَكُن بَعدُ ، فَكَيفَ تَرجَحُ بِما لَيسَ ؟
فَأَخبِروني بِما ۲ يَتَفاضَلُ النّاسُ ؟ فَقالَ بَعضُهُم : بِالأَعمالِ الصّالِحَةِ .
قالَ : فَأَخبِروني فَمَن ۳ فَضَلَ صاحِبَهُ عَلى عَهدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ إنَّ المَفضولَ عَمِلَ بَعدَ وَفاةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِأَكثَرَ مِن عَمَلِ الفاضِلِ عَلى عَهدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله أ يَلحَقُ بِهِ ؟ فَإِن قُلتُم : نَعَم ، أوجَدتُكُم في عَصرِنا هذا مَن هُوَ أكثَرُ جِهادا وحَجّا وصَوماً وصَلاةً وصَدَقَةً مِن أحَدِهِم .

1.الأنفال : ۳۳ .

2.كذا في المصدر ، والصحيح : «بِمَ» .

3.في المصدر : «فممّن» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
74

إنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ : «إِنَّـآ أَنشَأْنَـهُنَّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَـهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا» ۱ فَإِن زَعَمتُم أنَّ أبا بَكرٍ يُنشَأُ شابّا إذا دَخَلَ الجَنَّةَ ، فَقَد رَوَيتُم أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قالَ لِلحَسَنِ وَالحُسَينِ عليهماالسلام : إنَّهُما سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، وأبوهُما خَيرٌ مِنهُما .
قالَ آخَرٌ : فَقَد جاءَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قالَ : لَو لَم أكُن اُبعَثُ فيكُم لَبُعِثَ عُمَرُ.
قالَ المَأمون : هذا مُحالٌ ؛ لِأَنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ : «إِنَّـآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ» ۲ وقالَ تَعالى : «وَ إِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَـقَهُمْ وَ مِنكَ وَ مِن نُّوحٍ وَ إِبْرَ هِيمَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ» ۳ فَهَل يَجوزُ أن يَكونَ مَن لَم يُؤخَذ ميثاقُهُ عَلَى النُّبُوَّةِ مَبعوثاً ، ومَن اُخِذَ ميثاقُهُ عَلَى النُّبُوَّةِ مُؤَخَّرا ؟ !
قالَ آخَرٌ : إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله نَظَرَ إلى عُمَرَ يَومَ عَرَفَةَ فَتَبَسَّمَ فَقالَ : إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى باهى بِعِبادِهِ عامَّةً ، وبِعُمَرَ خاصَّةً .
فَقالَ المَأمونُ : هذا مُستَحيلٌ ؛ مِن قِبَلِ أنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى لَم يَكُن لِيُباهِيَ بِعُمَرَ ويَدَعَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله ؛ فَيَكونَ عُمَرُ فِي الخاصَّةِ ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فِي العامَّةِ ، ولَيسَت هذِهِ الرِّواياتُ بِأَعجَبَ مِن رِوايَتِكُم أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قالَ : دَخَلتُ الجَنَّةَ فَسَمِعتُ خَفَقَ نَعلَينِ ؛ فَإِذا بِلالٌ مَولى أبي بَكرٍ سَبَقَني إلَى الجَنَّةِ . وإنَّما قالَتِ الشّيعَةُ : عَلِيٌّ عليه السلام خَيرٌ مِن أبي بَكرٍ ، فَقُلتُم : عَبدُ أبي بَكرٍ خَيرٌ مِنَ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله ؛ لِأَنَّ السّابِقَ أفضَلُ مِنَ المَسبوقِ ، وكَما رَوَيتُم أنَّ الشَّيطانَ يَفِرُّ مِن ظِلِّ عُمَرَ ، وألقى عَلى لِسانِ نَبِيِّ اللّهِ صلى الله عليه و آله : وأنَّهُنَّ الغَرانيقُ العُلى فَفَرَّ مِن عُمَرَ ، وألقى عَلى لِسانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ـ بِزَعمِكُم ـ الكُفرَ ۴ !
قالَ آخَرُ : قَد قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : لَو نَزَلَ العَذابُ ما نَجا إلّا عُمَرُ بنُ الخَطّابِ .

1.الواقعة : ۳۵ ـ۳۷ .

2.النساء : ۱۶۳ .

3.الأحزاب : ۷ .

4.في المصدر : «الكفّار»، والتصويب من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24690
صفحه از 520
پرینت  ارسال به