293
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس

أبَا الحَسَنِ ! ۱

۴۳۰۷.الأمالي للصدوق عن عروة بن الزبير :كُنّا جُلوسا في مَجلِسٍ في مَسجِدِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَتَذاكَرنا أعمالَ أهلِ بَدرٍ وبَيعَةَ الرِّضوانِ ، فَقالَ أبُو الدَّرداءِ : يا قَومُ ! ألا اُخبِرُكُم بِأَقَلِّ القَومِ مالاً ، وأكثَرِهِم وَرَعا ، وأشَدِّهِمُ اجتِهادا فِي العِبادَةِ ، قالوا : مَن ؟قالَ : عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام .
قالَ : فَوَاللّهِ إن كانَ في جَماعَةِ أهلِ المَجلِسِ إلّا مُعرِضٌ عَنهُ بِوَجهِهِ ، ثُمَّ انتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ فَقالَ لَهُ : يا عُوَيمِرُ ! لَقَد تَكَلَّمتَ بِكَلِمَةٍ ما وافَقَكَ عَلَيها أحَدٌ مُنذُ أتَيتَ بِها .
فَقالَ أبُو الدَّرداءِ : يا قَومُ ، إنّي قائِلٌ ما رَأَيتُ ، وَليَقُل كُلُّ قَومٍ مِنكُم ما رَأَوا ، شَهِدتُ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السلام بِشُوَيحِطاتِ النَّجّارِ وقَدِ اعتَزَلَ عَن مَواليهِ وَاختَفى مِمَّن يَليهِ ، وَاستَتَرَ بِمُغَيِّلاتِ النَّخِلِ ، فَافتَقَدتُهُ وبَعُدَ عَلَيَّ مَكانُهُ ، فَقُلتُ : لَحِقَ بِمَنزِلِهِ ، فِإِذا أنَا بِصَوتٍ حَزينٍ ونَغمَة سِحرٍ ۲ شَجِيٍّ ، وهُوَ يَقولُ : إلهي كَم مِن موبِقَةٍ حَمَلتَ عَنّي فَقابَلتَها بِنِعمَتِكَ ، وكَم مِن جَريرَةٍ تَكَرَّمتَ عَن كَشفِها بِكَرَمِكَ ، إلهي إن طالَ في عِصيانِكَ عُمُري ، وعَظُمَ فِي الصُّحُفِ ذَنبي ؛ فَما أنَا مُؤَمِّلٌ غَيرَ غُفرانِكَ ، ولا أنَا بِراجٍ غَيرَ رِضوانِكَ . فَشَغَلَنِي الصَّوتُ ، وَاقتَفَيتُ الأَثَرَ ، فَإِذا هُوَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام بِعَينِهِ ، فَاستَتَرتُ لَهُ وأخمَلتُ الحَرَكَةَ ، فَرَكَعَ رَكَعاتٍ في جَوفِ اللَّيلِ الغابِرِ ، ثُمَّ فَزَعَ إلَى الدُّعاءِ وَالبُكاءِ وَالبَثِّ وَالشَّكوى . فَكانَ مِمّا ناجى بِهِ اللّهَ أن قالَ :
إلهي اُفَكِّرُ في عَفوِكَ ؛ فَتَهونُ عَلَيَّ خَطيئَتي ، ثُمَّ أذكُرُ العَظيمَ مِن أخذِكَ ؛ فَتَعظُمُ عَلَيَّ بَلِيَّتي ، ثُمَّ قالَ : آهِ إن أنَا قَرَأتُ فِي الصُّحُفِ سَيِّئَةً أنَا ناسيها ، وأنتَ مُحصيها ، فَتَقولُ : خُذوهُ ! ! فَيالَهُ مِن مَأخوذٍ ، لا تُنجيهِ عَشيرَتُهُ ، ولا تَنفَعُهُ قَبيلَتُهُ ، يَرحَمُهُ المَلا

1.الأمالي للصدوق : ص۷۲۴ ح۹۹۰ ، بحار الأنوار : ج۴۱ ص۱۴ ح۶ .

2.كلمة «سحر» هنا ضروريّة ، أخذناها من روضة الواعظين .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
292

مَن ذُبِحَ واحِدُها في حِجرِها ، لا تَرقَأُ ۱ دَمعَتُها ، ولا يَسكُنُ حُزنُها . ثُمَّ قامَ فَخَرَجَ ۲ .

۴۳۰۶.الأمالي للصدوق عن الأصبغ بن نباتة :دَخَلَ ضِرارُ بنُ ضَمرَةَ النَّهشَلِيُّ عَلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ فَقالَ لَهُ : صِف لي عَلِيّا . قالَ : أوَتُعفيني ، فَقالَ : لا ، بَل صِفْهُ لي ، فَقالَ لَهُ ضِرارٌ : رَحِمَ اللّهُ عَلِيّا ! كانَ وَاللّهِ فينا كَأَحَدِنا ؛ يُدنينا إذا أتَيناهُ ، ويُجيبُنا إذا سَأَلناهُ ، ويُقَرِّبُنا إذا زُرناهُ ، لا يُغلَقُ لَهُ دونَنا بابٌ ، ولا يَحجُبُنا عَنهُ حاجِبٌ ، ونَحنُ وَاللّهِ مَعَ تَقريبِهِ لَنا وقُربِهِ مِنّا ، لا نُكَلِّمُهُ لِهَيبَتِهِ ، ولا نَبتَديهِ لِعَظَمَتِهِ ، فَإِذا تَبَسَّمَ فَعَن مِثلِ اللُّؤلُؤَ المَنظومِ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : زِدني مِن صِفَتِهِ ، فَقالَ ضِرارٌ : رَحِمَ اللّهُ عَلِيّا ! كانَ وَاللّهِ طَويلَ السُّهادِ ، قَليلَ الرُّقادِ ، يَتلو كِتابَ اللّهِ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ ، ويَجودُ لِلّهِ بِمُهجَتِهِ ، ويَبوءُ إلَيهِ بِعَبرَتِهِ ، لا تُغلَقُ لَهُ السُّتورُ ، ولا يَدَّخِرُ عَنَّا البُدورَ ، ولا يَستَلينُ الاِتِّكاءَ ، ولا يَستَخشِنُ الجَفاءَ ، ولَو رَأيتَهُ إذ مُثِّلَ في مِحرابِهِ ، وقَد أرخَى اللَّيلُ سُدولَهُ ، وغارَت نُجومُهُ ، وهُوَ قابِضٌ عَلى لِحيَتِهِ ، يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السَّليمِ ، ويَبكي بُكاءَ الحَزينِ ، وهُوَ يَقولُ : يا دُنيا ! إليَّ تَعَرَّضتِ أم إلَيَّ تَشَوَّقتِ ؟ هَيهاتَ هَيهاتَ ، لا حاجَةَ لي فيكِ ، أبَنْتُكِ ثَلاثا لا رَجعَةَ لي عَلَيكِ ، ثُمَّ يَقولُ : واهٍ واهٍ لِبُعدِ السَّفَرِ ، وقِلَّةِ الزّادِ ، وخُشونَةِ الطَّريقِ .
قالَ : فَبَكى مُعاوِيَةُ وقالَ : حَسبُكَ يا ضِرارُ ، كَذلِكَ كانَ وَاللّهِ عَلِيٌّ ! رَحِمَ اللّه

1.رقَأ الدمع : سكن وانقطع (النهاية : ج۲ ص۲۴۸) .

2.حلية الأولياء : ج۱ ص۸۴ ، تاريخ دمشق : ج۲۴ ص۴۰۱ و۴۰۲ ، الاستيعاب : ج۳ ص۲۰۹ ح۱۸۷۵ ، المحاسن والمساوئ : ص۴۶ وفيه «عدي بن حاتم» بدل «ضرار» ، صفة الصفوة : ج۱ ص۱۳۳ ، الصواعق المحرقة : ص۱۳۱ ، تذكرة الخواصّ : ص۱۱۸ ، ذخائر العقبى : ص۱۷۸ ، الفصول المهمّة : ص۱۲۷ ، مروج الذهب : ج۲ ص۴۳۳ ؛ نهج البلاغة : الحكمة ۷۷ ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص۷۰ ، كنز الفوائد : ج۲ ص۱۶۰ ، عدّة الداعي : ص۱۹۴ ، إرشاد القلوب : ص۲۱۸ ، الفضائل لابن شاذان : ص۸۳ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۱۰۳ ، تنبيه الخواطر : ج۱ ص۷۹ كلّها نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24636
صفحه از 520
پرینت  ارسال به