و كَتَبَ إلَى الزُّبَيرِ :
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّكَ الزُّبَيرُ بنُ العَوّامِ بنِ أبي خَديجَةَ ، وَابنُ عَمَّةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وحَوارِيُّهُ وسَلَفُهُ ، وصِهرُ أبي بَكرٍ ، وفارِسُ المُسلِمينَ ، وأَنتَ الباذِلُ فِي اللّهِ مُهجَتَهُ بِمَكَّةَ عِندَ صَيحَةِ الشَّيطانِ ، بَعَثَكَ المُنبَعِثُ فَخَرَجتَ كَالثُّعبانِ المُنسَلِخِ بِالسَّيفِ المُنصَلِتِ ، تَخبِطُ خَبطَ الجَمَلِ الرَّديعِ ۱ ، كُلُّ ذلِكَ قُوَّةُ إيمانٍ وصِدقُ يَقينٍ ، وسَبَقَت لَكَ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله البِشارَةُ بِالجَنَّةِ ، وجَعَلَكَ عُمَرُ أحَدَ المُستَخلَفينَ عَلَى الاُمَّةِ .
وَاعلَم يا أبا عَبدِ اللّهِ ، أنَّ الرَّعِيَّةَ أصبَحَت كَالغَنَمِ المُتَفَرِّقَةِ لِغَيبَةِ الرّاعي ، فَسارِع رَحِمَكَ اللّهُ إلى حَقنِ الدِّماءِ ، ولَمِّ الشَعَثِ ، وجَمعِ الكَلِمَةِ ، وصَلاحِ ذَاتِ البَينِ قَبلَ تَفاقُمِ الأَمرِ ، وَانتِشارِ الاُمَّةِ ؛ فَقَد أصبَحَ النّاسُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ عَمّا قَليلٍ يَنهارُ إن لَم يُرأَب ۲ ، فَشَمِّر لِتَأليفِ الاُمَّةِ ، وَابتَغِ إلى رَبِّكَ سَبيلاً ، فَقَد أحكَمتُ الأَمرَ عَلى مَن قِبَلي لَكَ ولِصاحِبِكَ ، عَلى أنَّ الأَمرَ لِلمُقدَّمِ ، ثُمَّ لِصاحِبِهِ مِن بَعدِهِ ، جَعَلَكَ اللّهُ مِن أئِمَّةِ الهُدى ، وبُغاةِ الخَيرِ وَالتَّقوى ، وَالسَّلامُ ۳ .
۲۰۹۸.شرح نهج البلاغة :بَعَثَ [مُعاوِيَةُ] رَجُلاً مِن بَني عُمَيسٍ ، وكَتَبَ مَعَهُ كِتابا إلَى الزُّبَيرِ بنِ العَوّامِ وفيهِ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، لِعَبدِ اللّهِ الزُبَيرِ أميرِ المُؤمِنينَ مِن مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ ، سَلامٌ عَلَيكَ . أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّي قَد بايَعتُ لَكَ أهلَ الشّامِ ، فَأَجابوا وَاستَوسَقوا ۴ كَما يَستَوسِقُ الجَلَبُ ۵ ، فَدونَكَ الكوفَةَ والبَصرَةَ ، لا يَسبِقكَ إلَيها ابنُ أبي طالِبٍ ؛ فَإِنَّه لا شَيءَ بَعدَ هذَينِ المِصرَينِ .
وقَد بايَعتُ لِطَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ مِن بَعدِكَ ، فَأَظهِرَا الطَّلَبَ بِدَمِ عُثمانَ ، وَادعُوَا
1.أي المردوع ؛ من رَدَعه إذا كفّه (هامش المصدر) .
2.الرَّأْب : الجمع والشدّ برفق (النهاية : ج۲ ص۱۷۶) .
3.شرح نهج البلاغة : ج۱۰ ص۲۳۳ .
4.أي اجتمعوا على الطاعة (اُنظر النهاية : ج۵ ص۱۸۵) .
5.الجَلَب : ما جُلِب من خيل وإبل ومتاع (لسان العرب : ج۱ ص۲۶۸) .