649
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

رِضوانُ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ وَالخُلودُ في جَنّاتِهِ . فَاخرُجوا بِنا إخوانَنا مِن هذِهِ القَريَةِ الظّالِمِ أهلُها إلى بَعضِ كُوَرِ الجِبالِ ، أو إلى بَعضِ هذِهِ المَدائِنِ ، مُنكِرينَ لِهذِهِ البِدَعِ المُضِلَّةِ .
فَقالَ لَهُ حُرقوصُ بنُ زُهَيرٍ : إنَّ المَتاعَ بِهذِهِ الدُّنيا قَليلٌ ، وإنَّ الفِراقَ لَها وَشيكٌ ، فَلا تَدعُوَنَّكُم زينَتُها وبَهجَتُها إلَى المُقامِ بِها ، ولا تَلفِتَنَّكُم عَن طَلَبِ الحَقِّ ، وإنكارِ الظُّلمِ ، فَإِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا وَالَّذينَ هُم مُحسِنونَ .
فَقالَ حَمزَةُ بنُ سِنانٍ الأَسدِيُّ : يا قَومُ ! إنَّ الرَّأيَ ما رَأَيتُم ، فَوَلّوا أمرَكُم رَجُلاً مِنكُم ، فَإِنَّهُ لابُدَّ لَكُم مِن عِمادٍ وسِنادٍ ورايَةٍ تَحُفّونَ بِها ، وتَرجِعونَ إلَيها . فَعَرَضوها عَلى زَيدِ بنِ حُصَينٍ الطاّئِيِّ ، فَأَبى ، وعَرَضوها عَلى حُرقوصِ بنِ زُهَيرٍ ، فَأَبى ، وعَلى حَمزَةَ بنِ سِنانٍ وشُرَيحِ بنِ أوفَى العَبِسيِّ ، فَأَبَيا ، وعَرَضوها عَلى عَبدِ اللّهِ بنِ وَهبٍ ، فَقالَ: هاتوها ، أما وَاللّهِ لا آخُذُها رَغبَةً فِي الدُّنيا ، ولا أدَعُها فَرَقا ۱ مِنَ المَوتِ . فَبايَعوهُ لِعَشرٍ خَلَونَ مِن شَوّالٍ ، وكانَ يُقالُ لَهُ : ذُو الثَّفِناتِ .
ثُمَّ اجتَمَعوا في مَنزِلِ شُرَيحِ بنِ أوفَى العَبسِيِّ ، فَقالَ ابنُ وَهبٍ : اِشخَصوا بِنا إلى بَلدَةٍ نَجتَمِعُ فيها لِاءِنفاذِ حُكمِ اللّهِ ، فَإِنَّكُم أهلُ الحَقِّ .
قالَ شُرَيحٌ : نَخرُجُ إلَى المَدائِنِ فَنَنزِلُها ، ونَأخُُذ بِأَبوابِها ، ونُخرِجُ مِنها سُكّانَها ، ونَبعَثُ إلى إخوانِنا مِن أهلِ البَصرَةِ فَيَقدَمونَ عَلَينا .
فَقالَ زَيدُ بنُ حُصَينٍ : إنَّكُم إن خَرَجتُم مُجتَمِعينَ اتُّبِعتُم ، ولكِنِ اخرُجوا وُحدانا مُستَخفينَ ، فَأَمَّا المَدائِنُ فَإِنَّ بِها مَن يَمنَعُكُم ، ولكِن سيروا حَتّى تَنزِلوا جِسرَ النَّهرَوانِ وتُكاتِبوا إخوانَكُم مِن أهلِ البَصرَةِ . قالوا : هذَا الرَّأيُ .
وكَتَبَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ إلى مَن بِالبَصرَةِ مِنهُم يُعلِمُهُم مَا اجتَمَعوا عَلَيهِ ، ويَحُثُّهُم عَلَى اللِّحاقِ بِهِم ، وسَيَّرَ الكِتابَ إلَيهِم ، فَأَجابوهُ أنَّهُم عَلَى اللِّحاقِ بِهِ .

1.الفَرَق : الخوف والفزع (النهاية : ج۳ ص۴۳۸) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
648

۲۶۸۶.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كَلامٍ لَهُ فِي الخَوارِجِ لَمّا سَمِعَ قَولَهُم : لا حُكمَ إلّا للّهِِ ـ: كَلِمَةُ حَقٍّ يُرادُ بِها باطِلٌ ! نَعَم ، إنَّهُ لا حُكمَ إلّا للّهِِ ، ولكِن هؤُلاءِ يَقولونَ : لا إمرَةَ إلّا للّهِِ ، وإنَّهُ لابُدَّ لِلنّاسِ مِن أميرٍ ؛ بَرٍّ أو فاجِرٍ ؛ يَعمَلُ في إمرَتِهِ المُؤمِنُ ، ويَستَمتِعُ فيهَا الكافِرُ ، ويُبَلِّغُ اللّهُ فيهَا الأَجَلَ ، ويُجمَعُ بِهِ الفَيءُ ، ويُقاتَلُ بِهِ العَدُوُّ ، وتَأمَنُ بِهِ السُّبُلُ ، ويُؤخَذُ بِهِ لِلضَّعيفِ مِنَ القَوِيِّ ، حَتّى يَستَريحَ بَرٌّ ، ويُستَراحَ مِن فاجِرٍ ۱ .

۲۶۸۷.نهج البلاغة :رُوِيَ أنَّهُ عليه السلام كانَ جالِسا في أصحابِهِ ، فَمَرَّت بِهِمُ امرَأَةٌ جَميلَةٌ ، فَرَمَقَها القَومُ بِأَبصارِهِم ، فَقالَ عليه السلام : إنَّ أبصارَ هذِهِ الفُحولِ طَوامِحُ ، وإنَّ ذلِكَ سَبَبُ هَبابِها ۲ ، فَإِذا نَظَرَ أحَدُكُم إلَى امرَأَةٍ تُعجِبُهُ فَليُلامِس أهلَهُ ، فَإِنَّما هِيَ امرَأَةٌ كَامرَأَتِهِ .
فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الخَوارِجِ : قاتَلَهُ اللّهُ ، كافِرا ما أفقَهَهُ !
فَوَثَبَ القَومُ لِيَقتُلوهُ . فَقالَ عليه السلام : رُوَيدا ؛ إنَّما هُوَ سَبٌّ بِسَبٍّ ، أو عَفوٌ عَن ذَنبٍ ۳ .

۳ / ۶

بَيعَتُهُم عَبدَ اللّهِ بنَ وَهبٍ

۲۶۸۸.تاريخ الطبري عن عبد الملك بن أبي حرّة :إنَّ عَلِيّا لَمّا بَعَثَ أبا موسى لِاءِنفاذِ الحُكومَةِ لَقِيَتِ الخَوارِجُ بَعضُها بَعضا ، فَاجتَمَعوا في مَنزِلِ عَبدِ اللّهِ بنِ وَهَبٍ الرّاسِبِيِّ ، فَحَمِدَ اللّهَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَوَاللّهِ مايَنبَغي لِقَومٍ يُؤمِنونَ بِالرَّحمنِ ويُنيبونَ إلى حُكمِ القُرآنِ أن تَكونَ هذِهِ الدّنيَا ـ الَّتِي الرِّضا بِها وَالرُّكونُ بِها وَالإِيثارُ إيّاها عَناءٌ وتَبارٌ ـ آثَرَ عِندَهُم مِنَ الأَمرِ بِالمَعروفِ ، وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ ، وَالقَولِ بِالحَقِّ ، وإن مُنَّ وضُرَّ فَإِنَّهُ مَن يُمَنُّ ويُضَرُّ في هذِهِ الدُّنيا فَإِنَّ ثوابَهُ يَومَ القيامَة

1.نهج البلاغة : الخطبة ۴۰ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۳۵۸ ح۵۹۳ وراجع أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۳۵ .

2.الهِبّة ـ بالكسر ـ : هياج الفحل ، وهَبَّ التيس هِبابا : هاجَ ونَبّ للسّفاد (لسان العرب : ج۱ ص۷۷۸) .

3.نهج البلاغة : الحكمة ۴۲۰ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۱۱۳ وفيه «هناتها» بدل «هِبابها» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 25073
صفحه از 670
پرینت  ارسال به