قالوا : نُريدُ أن نَخرُجَ نَحنُ وأنتَ ومَن كانَ مَعَنا بِصِفّينَ ثَلاثَ لَيالٍ ، ونَتوبَ إلَى اللّهِ مِن أمرِ الحَكَمَينِ ، ثُمَّ نَسيرَ إلى مُعاوِيَةَ فَنُقاتِلَهُ ، حَتّى يَحكُمَ اللّهُ بَينَنا وبَينَهُ .
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : فَهَلّا قُلتُم هذا حِينَ بَعَثنَا الحَكَمَينِ ، وأخَذنا مِنهُم العَهدَ ، وأعطَيناهُموهُ ! أ لا قُلتُم هذا حِينَئِذٍ !
قالوا : كُنّا قَد طالَتِ الحَربُ عَلَينا ، وَاشتَدَّ البَأسُ ، وكَثُرَ الجِراحُ ، وخَلَا الكُراعُ والسِّلاحُ .
فَقالَ لَهُم : أفَحينَ اشتَدَّ البَأسُ عَلَيكُم عاهَدتُم ، فَلَمّا وَجَدتُمُ الجَمامَ ۱ قُلتُم : نَنقُضُ العَهدَ ! إنَّ رَسولَ اللّهِ كانَ يَفي لِلمُشرِكينَ ، أفَتَأمُرونَني بِنَقضِهِ ! ۲
۲۶۷۱.الكامل للمبرّد :ذَكَرَ أهلُ العِلمِ مِن غَيرِ وَجهٍ أنَّ عَلِيّا رضى الله عنه لَمّا وَجَّهَ إلَيهِم عَبدَ اللّهِ بنَ العَبّاسِ لِيُناظِرَهُم ، قالَ لَهُم : مَا الَّذي نَقَمتُم عَلى أميرِ المُؤمِنينَ ؟
قالوا : قَد كانَ لِلمُؤمِنينَ أميرا ، فَلَمّا حَكَّمَ في دينِ اللّهِ خَرَجَ مِنَ الإِيمانِ ، فَليَتُب بَعدَ إقرارِهِ بِالكُفرِ نَعُد لَهُ .
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : ما يَنبَغي لِمُؤمِنٍ لَم يَشُب إيمانَهُ شَكٌّ أن يُقِرَّ عَلى نَفسِهِ بِالكُفرِ .
قالوا : إنَّهُ قَد حَكَّمَ .
قالَ : إنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ قَد أَمَرَنا بِالتَّحكيمِ في قَتلِ صَيدٍ ، فَقالَ عَزَّ وجَلَّ : «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ» ، فَكَيفَ في إمامَةٍ قَد أشكَلَت عَلَى المُسلِمينَ ؟ !
فَقالوا : إنَّهُ قَد حُكِمَ عَلَيهِ فَلَم يَرضَ .
فَقالَ : إنَّ الحُكومَةَ كَالإِمامَةِ ، ومَتى فَسَقَ الإِمامُ وَجَبَت مَعصِيَتُهُ ، وكَذلِك