وإذا ترسّخ هذا الداء في نفس أحد ، فلا ينفعه عندئذٍ أيّ عمل من أعماله في نجاته وتكامله . وقال الإمام الصادق عليه السلام :
«قالَ إبليسُ ـ لَعنَةُ اللّهِ عَلَيهِ ـ لِجُنودِهِ : إذَا استَمكَنتُ مِنِ ابنِ آدَمَ في ثَلاثٍ ، لَم اُبالِ ما عَمِلَ ؛ فَإِنَّهُ غَيرُ مَقبولٍ مِنهُ : إذَا استَكثَرَ عَمَلَهُ ، ونَسِيَ ذَنبَهُ ، ودَخَلَهُ العُجبُ» ۱ .
إنّ داء العجب في الحقيقة يحول دون استمتاع المرء ببركات أعماله الصالحة من جهة ، ويُفضي إلى ضروب الانحرافات الأخلاقيّة من جهة اُخرى . وهكذا ينبغي أن نؤكّد أنّ سائر أعراض «التعمّق» التي سنُشير إليها لاحقا ترشُف من هذه الرذيلة .
۲ ـ استدامة الجهل
وتُمثّل الغصن الآخر من أغصان شجرة «التعمّق» ، ولها في العُجب جذور على نحوٍ ما ؛ فحينما يُفرط الإنسان في عمله ، وينطلق فيه بلا تعقّل ، ويرى نفسه أفضل من الآخرين من دون منازِع ؛ فإنّه لا يعيد النظر في فكره وعمله ، ويسعى في جهله ، ويَلجّ فيه ، ويَظلّ حبيسَ حبالته .
ومن هنا قال الإمام الهادي عليه السلام :
«العُجبُ صارِفٌ عَن طَلَبِ العِلمِ ، داعٍ إلَى التَّخَبَّطِ فِي الجَهلِ» ۲ .
وفي الواقع أنّ داء العُجب يُلقي الإنسان في الجهل المركّب حقّا ، و«المتعمّق» ـ كما قلنا ـ يرى أنّ ما يفعله هو الأفضل ، فلِمَ التأمّل وإعادة النظر فيه إذن ؟
وتحدّث القرآن الكريم عن أمثال هذا النموذج بنحو يدعو إلى الاعتبار والاتّعاظ . قال جلّ من قائل :