فَلَمّا أبَيتُم إلَا الكِتابَ ، اشتَرَطتُ عَلَى الحَكَمَينِ أن يُحيِيا ما أحياهُ القُرآنُ ، وأن يُميتا ما أماتَ القُرآنُ ؛ فَإِن حَكَما بِحُكمِ القُرآنِ فَلَيسَ لَنا أن نُخالِفُ حُكمَ مَن حَكَمَ بِما فِي الكِتابِ ، وإن أبَيا فَنَحنُ مِن حُكمِهِما بُرَآءُ .
فَقالَ لَهُ بَعضُ الخَوارِجِ : فَخَبِّرنا أ تَراهُ عَدلاً تَحكيمَ الرِّجالِ فِي الدِّماءِ ؟
فَقالَ : إنّا لَم نُحَكِّمِ الرِّجالَ ، إنَّما حَكَّمنَا القُرآنَ ، وهذَا القُرآنُ إنَّما هُوَ خَطٌّ مَسطورٌ بَينَ دَفَّتَينِ لا يَنطِقُ ، وإنَّما يَتَكَلَّمُ بِهِ الرِّجالُ .
قالوا لَهُ : فَخَبِّرنا عَنِ الأَجَلِ ؛ لِمَ جَعَلتَهُ فيما بَينَكَ وبَينَهُم .
قالَ : لِيَتَعَلَّمَ الجاهِلُ ، ويَتَثَبَّتَ العالِمُ ، ولَعَلَّ اللّهَ أن يُصلِحَ في هذِهِ الهُدنَةِ هذِهِ الاُمَّةَ . اُدخُلوا مِصرَكُم رَحِمَكُمُ اللّهُ .
ودَخَلوا مِن عِندِ آخِرِهِم ۱ .
۲۶۰۶.الإمام عليّ عليه السلامـ لَمّا قالَ لَهُ رَجُلٌ مِن أصحابِهِ : نَهَيتَنا عَنِ الحُكومَةِ ، ثُمَّ أمَرتَنا بِها ، فَلَم نَدرِ أيُّ الأَمرَينِ أرشَدُ ؟ ـ: هذا جَزاءُ مَن تَرَكَ العُقدَةَ ! أما وَاللّهِ لَو أنّي حينَ أمَرتُكُم بِهِ حَمَلتُكُم عَلَى المَكروهِ الَّذي يَجعَلُ اللّهِ فيهِ خَيرا ، فَإِنِ استَقَمتُم هَدَيتُكُم ، وإنِ اعوَجَجتُم قَوَّمتُكُم ، وإن أبَيتُم تَدارَكتُكُم ـ لَكانَتِ الوُثقى .
ولكِن بِمَن ، وإلى من ؟ اُريدُ أن اُداوِيَ بِكُم وأنتُم دائي ؛ كَناقِشِ الشَّوكَةِ بِالشَّوكَةِ وهُوَ يَعلَمُ أنَّ ضَلعَها ۲ مَعها ! اللّهُمَّ قَد مَلَّت أطِبّاءُ هذَا الدَّاءِ الدَّوِيِّ ، وكَلَّتِ النَّزَعَةُ بِأشطانِ الرَّكِيِّ !