فَعَرَفَ ذلِكَ مُعاوِيَةُ ، فَقالَ : صَدَقتَ ۱ .
۲۵۶۷.وقعة صفّين عن صعصعة :قامَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ الكِندِيُّ لَيلةَ الهَريرِ في أصحابِهِ مِن كِندَةَ فَقالَ : الحَمدُ للّهِِ ، أحمَدُهُ ، وأستَعينُهُ ، واُؤمِنُ بِهِ ، وأتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، وأستَنصِرُهُ ، وأستَغفِرُهُ ، وأستَخيرُهُ ، وأستَهديهِ . . . قَد رَأَيتُم ـ يا مَعشَرَ المُسلِمينَ ـ ما قَد كانَ في يَومِكُم هذَا الماضي ، وما قَد فَنِيَ فيهِ مِنَ العَرَبِ ، فَوَاللّهِ لَقَد بَلَغتُ مِنَ السِّنَّ ما شاءَ اللّهُأن أبلُغَ ، فَما رَأَيتُ مِثلَ هذَا اليَومِ قَطُّ .
ألا فَليُبَلِّغِ الشّاهِدُ الغائِبَ ، إنّا إن نَحنُ تَوَاقَفنا غَدا إنَّهُ لَفَناءُ العَرَبِ ، وضَيعَةُ الحُرُماتِ ، أما وَاللّهِ ما أقولُ هذِهِ المَقالَةَ جَزَعا مِنَ الحَتفِ ، ولكِنّي رَجُلٌ مُسِنٌّ أخافُ عَلَى النِّساءِ وَالذَّرارِيِّ غَدا إذا فَنينا .
اللّهُمَّ ! إنَّكَ تَعلَمُ أنّي قَد نَظَرتُ لِقَومي ولِأَهلِ ديني فَلَم آلُ ، وما تَوفيقي إلّا بِاللّهِ ، عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وإلَيهِ اُنيبُ ، والرّأيُ يُخطِئُ ويُصيبُ ، وإذا قَضَى اللّهُ أمرا أمضاهُ عَلى ما أحَبَّ العِبادُ أو كَرِهوا ، أقولُ قَولي هذا ، وأستَغفِرُ اللّهَ العَظيمَ لي ولَكُم .
قالَ صَعصَعَةُ : فَانطَلَقَت عُيونُ مُعاوِيَةَ إلَيهِ بِخُطبَةِ الأَشعَثِ فَقالَ : أصابَ ورَبِّ الكَعبَةِ ! لَئِن نَحنُ التَقَينا غَدا لَتَميلَنَّ الرّومُ عَلى ذَرارِيِّنا ونِسائِنا ، ولَتَميلَنَّ أهلُ فارِسٍ عَلى نِساءِ أهلِ العِراقِ وذَرارِيِّهِم ، وإنَّما يُبصِرُ هذا ذَوُو الأَحلامِ وَالنُّهى . اِربِطُوا المَصاحِفَ عَلى أطرافِ القَنا .
قالَ صَعصَعَةُ : فَثارَ أهلُ الشّامِ فَنادَوا في سَوادِ اللَّيلِ : يا أهلَ العِراقِ ! مَن لِذَرارِيِّنا إن قَتَلتُمونا ، ومَن لِذَرارِيِّكُم إن قَتَلناكُم ؟ اللّهَ اللّهَ فِي البَقِيَّةِ ۲ .