وَالشّاهِدُ لِعَلِيٍّ ـ مَعَ فَضلِهِ المُبينِ ، وسَبقِهِ القَديمِ ـ أنصارُهُ الَّذينَ ذُكِروا بِفَضلِهِم فِي القُرآنِ ، فَأَثنَى اللّهُ عَلَيهِم ، مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، فَهُم مَعهُ عَصائِبُ وكَتائِبُ حَولَهُ ، يُجالِدونَ بِأَسيافِهِم ، ويُهَريقونَ دِماءَهُم دونَهُ ، يَرَونَ الفَضلَ فِي اتِّباعِهِ ، وَالشَّقاءَ في خِلافِهِ .
فَكَيفَ ـ يا لَكَ الوَيلُ ! ! ـ تَعدِلُ نَفسَكَ بِعَلِيٍّ ، وهُوَ وارِثُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ووَصِيُّهُ ، وأبو وَلَدِهِ ، وأوَّلُ النّاسِ لَهُ اتِّباعا ، وآخِرُهُم بِهِ عَهدا ، يُخبِرُهُ بِسِرِّهِ ، ويُشرِكُهُ في أمرِهِ ، وأنتَ عَدُّوُهُ وَابنُ عَدُوِّهِ ؟ ! فَتَمَتَّع مَا استَطَعتَ بِباطِلِكَ ، وَليُمدِد لَكَ ابنُ العاصِ في غَوايَتِكَ ، فَكَأَنَّ أجَلَكَ قَدِ انقَضى ، وكَيدَكَ قَد وَهى . وسَوفَ يَستَبينُ لِمَن تَكونُ العاقِبَةُ العُليا .
وَ اعلَم أنَّكَ إنَّما تُكايِدُ رَبَّكَ الَّذي قَد أمِنتَ كَيدَهُ ، وأيِستَ مِن رَوحِهِ ۱ . وهُوَ لَكَ بِالمِرصادِ ، وأنتَ مِنهُ في غُرورٍ ، وبِاللّهِ وأهلِ رَسولِهِ عَنكَ الغَناءُ ، وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى ۲ .
۴ / ۱۸
جَوابُ مُعاوِيَةَ عَنهُ
۲۴۰۴.وقعة صفّين عن عبد اللّه بن عوف بن الأحمر :فَكَتَبَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ . مِن مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ إلَى الزّاري عَلى أبيهِ مُحَمَّدِ ابنِ أبي بَكرٍ . سَلامٌ عَلى أهلِ طاعَةِ اللّهِ .
أمّا بَعدُ ؛ فَقَد أتاني كِتابُكَ ، تَذكُرُ فيهِ مَا اللّهُ أهلُهُ في قُدرَتِهِ وسُلطانِهِ ، وما أصفى بِهِ نَبِيَّهُ ، مَعَ كَلامٍ ألَّفتَهُ ووَضَعتَهُ ، لِرَأيِكَ فيهِ تَضعيفٌ ، ولِأَبيكَ فيهِ تَعنيفٌ .