سيكون لو أهمل كلام معاوية وبرامجه على هذا الصعيد ولم يرد عليها ؟ هل كان معاوية يختار الصمت مثلاً ويكفّ عن حربه الدعائية الشعواء ضدَّ الإمام ؟
لا ريب أنّ سياسة السكوت في مقابل الأمواج الدعائيّة العاتية التي يبثّها معاوية كانت ستنتهي بضرر الإمام . فسكوت الإمام كان معناه تأييداً منه لكلّ تهم معاوية .
إنّه من السذاجة بمكان أن نتصوّر بأنّ الإمام لو لم يفتح باب المكاتبة مع معاوية ، لما كان معاوية قد شرع بحربه الدعائيّة ضدّ الإمام أو أنّه كان ينثني عن إدامتها ، بل الذي لا نشكّ فيه أنّ سكوت الإمام ـ لو حصل ـ كان يستتبع تصعيد وتيرة هذه الحرب وتأجيج نيرانها أكثر .
إنّ كتب الإمام وأجوبته لم تعمل على تعطيل الفعل الدعائي الماكر لمعاوية وحسب ، بل تحوّلت إلى وثيقة في التأريخ تثبت أحقّية الإمام . فإضافةً إلى ما بادر إليه الإمام من تنوير العقول وتبصير الناس وتوعيتها عبر هذه الرسائل ، فقد عمد فيها للدفاع عن نفسه على أحسن وجه ۱ ، وأتمّ الحجّة على معاوية والمخدوعين من أتباعه . كما ترك للتأريخ ولمن يأتي بعده وثيقة حوت ما جرى بينه وبين معاوية . لقد التزم الإمام جانب الحذر بعمله بحيث لم يدع معاوية يحقّق أيّاً من الأهداف التي كان يصبو إليها من حربه الدعائيّة كما يريد .
۴ / ۱۷
كِتابُ مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ إلى مُعاوِيَةَ
۲۴۰۳.وقعة صفّين عن عبد اللّه بن عوف بن الأحمر :كَتَبَ مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكرٍ إلى مُعاوِيَةَ :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ . مِن مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ إلَى الغاوِي ابنِ صَخرٍ . سَلام