الفصل الرابع : حرب الدعاية
۴ / ۱
كِتابُ الإِمامِ إلى مُعاوِيَةَ يَعِظُهُ فيهِ
۲۳۷۷.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ بَعضِ ما دارَ بَينَ عَلِيٍّ عليه السلام ومُعاوِيَةَ مِنَ الكُتُبِ ، وأوَّلُ هذَا الكِتابِ ـ: مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ :
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ الدُّنيا دارُ تِجارَةٍ ، ورِبحُها أو خُسرُهَا الآخِرَةُ ؛ فَالسَّعيدُ مَن كانَت بِضاعَتُهُ فيهَا الأَعمالَ الصّالِحَةَ ، ومَن رَأَى الدُّنيا بِعَينِها وقَدَّرَها بِقَدرِها . وإنّي لَأَعِظُكَ مَعَ عِلمي بِسابِقِ العِلمِ فيكَ مِمّا لا مَرَدَّ لَهُ دونَ نَفاذِهِ ؛ ولكِنَّ اللّهَ تَعالى أخَذَ عَلَى العُلَماءِ أن يُؤَدُّوا الأَمانَةَ وأن يَنصَحُوا الغَوِيَّ وَالرَّشيدَ ، فَاتَّقِ اللّهَ ولا تَكُن مِمَّن لا يَرجو للّهِِ وَقاراً ، ومَن حَقَّت عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذابِ فَإِنَّ اللّهَ بِالمِرصادِ . وإنَّ دُنياكَ سَتُدبِرُ عَنكَ وسَتَعودُ حَسرَةً عَليكَ ، فَأَقلِع عَمّا أنتَ عَلَيهِ مِنَ الغَيِّ وَالضَّلالِ عَلى كِبَرِ سِنِّكَ وفَناءِ عُمُرِكَ ؛ فَإِنَّ حالَكَ اليَومَ كَحالِ الثَّوبِ المَهيلِ الَّذي لا يَصلُحُ مِن جانِبٍ إلّا فَسَدَ مِن آخَرَ ، وأردَيتَ جيلاً مِنَ النّاسِ كَثيراً خَدَعتَهُم بِغَيِّكَ ، وألقَيتَهُم في مَوجِ بَحرِكَ تَغشاهُمُ الظُّلُماتُ وتَتَلاطَمُ بِهِمُ الشُّبُهاتُ ، فَجاروا عَن وِجهَتِهِم ، ونَكَصوا عَلى أعقابِهِم ، وتَوَلَّوا عَلى أدبارِهِم ، وعَوَّلوا عَلى أحسابِهِم ، إلّا مَن فاءَ مِن أهلِ البَصائِر