الإمام عليه السلام قد ترجم لنا في تلك الرسائل والمحاورات شخصيّته وأبان عظيم قدره ، وأماط اللثام عن الموقف السابق الذي كان عليه مساعير الحرب ، وتحدّث مرّة اُخرى عن قتل عثمان وكيفيّته بدقّة تامّة ، وكشف أبعاد ذلك الحادث ، وأغلق على مثيري الفتنة تشبّثهم بالمعاذير الواهية . ولمّا وجد ذلك عقيما وتأهّب الفريقان للقتال ، أوصى عليه السلام أصحابه بمَلْك أنفسهم والمحافظة على الهدوء ، وقال : «لا تَعجَلوا حَتّى اُعذِرَ إلَى القَومِ . . .» . فقام إليهم فاحتجّ عليهم فلم يجد عند القوم إجابة .
وبعد اللتيا والتي ، بعث ابن عبّاس ثانية من أجل التفاوض الأخير ؛ لعلّه يردعهم عن الحرب ؛ ، لئلّا تُسفك دماء المسلمين هدرا ، بيد أنّ القوم خُتم على سمعهم ، فلم يصغوا إلى رسول الإمام ، كما لم يصغوا إلى الإمام عليه السلام من قبل ۱ . وقد كان لعائشة وعبد اللّه بن الزبير خاصّة الدور الأكبر في ذلك .
۸ / ۱
رَسائِلُ الإِمامِ إلى رُؤَساءِ الفِتنَةِ
۲۱۹۰.الأخبار الطوال :أقامَ عَلِيٌّ رضى الله عنه ثَلاثَةَ أيّامٍ يَبعَثُ رُسُلَهُ إلى أهلِ البَصرَةِ ، فَيَدعوهُم إلَى الرُّجوعِ إلَى الطّاعَةِ وَالدُّخولِ فِي الجَماعَةِ ، فَلَم يَجِد عِندَ القَومِ إجابَةً ۲ .
۲۱۹۱.الجمل :لَمّا سارَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام مِن ذي قارٍ قَدَّمَ صَعصَعَةَ بنَ صوحانَ بِكِتابٍ إلى طَلحَةَ وَالزُّبَيرِ وعَائِشَةَ ، يُعَظِّمُ عَلَيهِم حُرمَةَ الإِسلامِ ، ويُخَوِّفُهُم فيما صَنَعوهُ ، ويَذكُرُ لَهُم قَبيحَ مَا ارتَكَبوهُ مِن قَتلِ مَن قَتَلوا مِنَ المُسلِمينَ ، وما صَنَعوا بِصاحِبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله عُثمانَ بنِ حُنَيفٍ ، وقَتلِهِمُ المُسلِمينَ صَبرا ، ويَعِظُهُم ويَدعوهُم إلَى