بحزم لحركة الناكثين ، إلّا أنّ تثبيط أبي موسى لأهالي الكوفة حال دون نهوضهم لنصرته . وكان مالك الأشتر قادرا على حلّ هذه العقدة ؛ إذ إنّه هو الذي اقترح على أمير المؤمنين عليه السلام إبقاءه في منصبه على ولاية الكوفة بعد أن كان الإمام قد هَمّ بعزله فيمن عزله من ولاة عثمان .
وتصرّح بعض الوثائق التاريخيّة بأنّ الإمام قال له : «أنتَ شَفَعتَ في أبي موسى أن اُقِرَّهُ عَلَى الكوفَةِ ؛ فَاذهَب فَأَصلِح ما أفسَدتَ» ۱ ، بيد أنّ الرواية التي أوردها نصر بن مزاحم تفيد أنّ الأشتر هو الذي عرض على الإمام فكرة المسير إلى الكوفة لمعالجة ما أفسده الأشعرى .
۲۱۵۵.تاريخ الطبري عن نصر بن مزاحم :قَد كانَ الأَشتَرُ قامَ إلى عَلِيٍّ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي قَد بَعَثتُ إلى أهلِ الكوفَةِ رَجُلاً قَبلَ هذَينِ ، فَلَم أرَهُ أحكَمَ شَيئا ولا قَدَرَ عَلَيهِ ، وهذانِ أخلَقُ مَن بَعثتُ أن يُنشَبَ ۲ بِهِمُ الأَمرُ عَلى ما تُحِبُّ ، ولَستُ أدري ما يَكونُ ؛ فَإِن رَأَيتَ ـ أكرَمَكَ اللّهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ـ أن تَبعَثَني في أثَرِهِم ؛ فَإِنَّ أهلَ المِصرِ أحسَنُ شَيءٍ لي طاعَةً ، وإن قَدِمتُ عَلَيهِم رَجَوتُ ألّا يُخالِفَني مِنهُم أحَدٌ . فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : اِلحَق بِهِم .
فَأَقبَلَ الأَشتَرُ حَتّى دَخَلَ الكوفَةَ وقَدِ اجتَمَعَ النّاسُ فِي المَسجِدِ الأَعظَمِ ، فَجَعَلَ لا يَمُرُّ بِقَبيلَةٍ يَرى فيها جَماعَةً في مَجلِسٍ أو مَسجِدٍ إلّا دَعاهُم ويَقولُ : اِتَّبِعوني إلَى القَصرِ ، فَانتَهى إلَى القَصرِ في جَماعَةٍ مِنَ النّاسِ ، فَاقتَحَمَ القَصرَ ، فَدَخَلَهُ وأبو موسى قائِمٌ فِي المَسجِدِ يَخطُبُ النّاسَ ويُثَبِّطُهُم ؛ يَقولُ :