وبلبلة الهوَس بفتنة عمياء تمخّضت عنها معركة الجمل .
واختارت هذه الشرذمة البصرة بعد مداولات كثيرة ، ذلك أنّهم من جهة لم يثقوا بمعاوية ؛ فيذهبوا إلى الشام ، ومن جهة اخرى إنّهم كانوا يبتغون مدينة هي في الوقت نفسه قاعدة عسكرية ولم تكن مدينة غير الكوفة والبصرة لها هذه الخصوصيّة ، فاختاروا البصرة لميل أهل الكوفة للإمام عليّ عليه السلام ، وميل أهل البصرة إلى عثمان ، مضافا إلى نفوذ ابن عامر في البصرة لأنّه كان حاكما عليها ، وهذا ما يساعدهم في استقطاب الناس والحصول على معلومات ضروريّة تخدم موقف الحرب .
۲۱۱۰.الإمامة والسياسة :قالَ الزُّبَيرُ : الشّامُ بِهَا الرِّجالُ وَالأَموالُ ، وعَلَيها مُعاوِيَةُ ، وهُوَ ابنُ عَمِّ الرَّجُلِ ، ومَتى نَجتَمِع يُوَلِّنا عَلَيهِ .
وقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عامِرٍ : البَصرَةُ ؛ فَإِن غَلَبتُم عَلِيّا فَلَكُمُ الشّامُ ، وإِن غَلَبَكُم عَلِيٌّ كانَ مُعاوِيَةُ لَكُم جُنَّةً ، وهذِهِ كُتُبُ أهلِ البَصرَةِ إلَيَّ .
فَقالَ يَعلَى بنُ مُنيَةَ ۱ ـ وكانَ داهِيا ـ : أيُّهَا الشَّيخانِ ! قَدِّرا قَبلَ أن تَرحَلا أنَّ مُعاوِيَةَ قَد سَبَقَكُم إلَى الشّامِ وفيهَا الجَماعَةُ ، وأنتُم تَقدَمونَ عَلَيهِ غَدا في فُرقَةٍ ، وهُوَ ابنُ عَمِّ عُثمانَ دونَكُم ؛ أ رَأَيتُم إن دَفَعَكُم عَنِ الشّامِ ، أو قالَ : أجعَلُها شورى ، ما أنتُم صانِعونَ ؟ أ تُقاتِلونَهُ أم تَجعَلونَها شورى فَتَخرُجا مِنها ؟ وأَقبَحُ مِن ذلِكَ أن تأتِيا رَجُلاً في يَدَيهِ أمرٌ قَد سَبَقَكُما إلَيهِ ، وتُريدا أن تُخرِجاهُ مِنهُ!
فَقالَ القَومُ : فَإِلى أينَ ؟
قالَ : إلَى البَصرَةِ ۲ .