يعرّفها للاُمّة بوصفها المثال البارز للاعتدال والوسطيّة ۱ . وقد أشار الأئمّة عليهم السلامإلى منزلة أهل البيت ومكانتهم ، من ذلك دعاء الإمام السجّاد عليه السلام في الصلوات الشعبانيّة ، حيث جاء فيها :
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الفُلكِ الجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الغامِرَةِ ؛ يَأمَنُ مَن رَكِبَها ، ويَغرَقُ مَن تَرَكَها ، المُتَقَدِّمُ لَهُم مارِقٌ ، وَالمُتَأَخِّرُ عَنهُم زاهِقٌ ، وَاللّازِمُ لَهُم لاحِقٌ ۲ .
وهكذا نبّه أئمّة الدين الناسَ على لزوم الاعتدال في الفكر والحياة ، وأكّدوا ذلك . ويمكننا أن نُدرك من هذا كلّه أنّ الخروج عن جادّة الاعتدال ، والسقوط في حضيض الإفراط والتطرّف لا يستتبع إلّا الشذوذ ، وربّما الانجراف مع تيّار الفساد .
ومثّل الخوارج ـ في نطاق الثقافة الإسلاميّة ـ تيّارا متطرّفا ذا مواقف حادّة متشنّجة بعيدة عن الاعتدال ، ونُعتوا في الأحاديث النبويّة بصفة «التعمّق» :
«إنَّ أقواما يَتَعَمَّقونَ فِي الدّينِ يَمرُقونَ كَما يَمرُقُ السَّهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» .
ونتناول هذا الاصطلاح فيما يأتي بإيجاز قبل أن نتحدّث عن جذور تيّار الخوارج :