أينَ القَومُ الَّذينَ دُعوا إلَى الإِسلامِ فَقَبِلوهُ ، وقَرَؤُوا القُرآنَ فَأَحكَموهُ ، وهِيجوا إلَى الجِهادِ فَوَلِهوا وَلَهَ اللِّقاحِ إلى أولادِها ، وسَلَبُوا السُّيوفَ أغمادَها ، وأخَذوا بِأَطرافِ الأَرضِ زَحفا زَحفا ، وصَفّا صَفّا . بَعضٌ هَلَكَ ، وبَعضٌ نَجا . لا يُبَشَّرونَ بِالأَحياءِ ، ولا يُعَزَّونَ عَنِ المَوتى . مُرْهُ العُيونِ مِنَ البُكاءِ ، خُمصُ البُطونِ مِنَ الصِّيامِ ، ذُبلُ الشِّفاهِ مِنَ الدُّعاءِ ، صُفرُ الأَلوانِ مِنَ السَّهَرِ ، عَلى وُجوهِهِم غَبَرَةُ الخاشِعينَ .
اُولئِكَ إخوانِيَ الذّاهِبونَ . فَحَقٌّ لَنا أن نَظمَأَ إلَيهِم ، ونَعَضَّ الأَيدِيَ عَلى فِراقِهِم . إنَّ الشَّيطانَ يُسَنِّي لَكُم طُرُقَهُ ، ويُريدُ أن يَحُلَّ دينَكُم عُقدَةً عُقدَةً ، ويُعطِيَكُم بِالجَماعَةِ الفُرقَةَ ، وبِالفُرقَةِ الفِتنَةَ ، فَاصدِفوا عَن نَزَغاتِهِ ونَفَثاتِهِ ، وَاقبَلُوا النَّصيحَةَ مِمَّن أهداها إلَيهِم ، وَاعقِلوها عَلى أنفُسِكُم ۱۲ .
۱۳ / ۴
دُخولُ الكُوفَةِ وبَدءُ فِتنَةٍ اُخرى
۲۶۰۷.تاريخ الطبري عن عمارة بن ربيعةـ في صِفَةِ أصحابِ الإِمامِ عليه السلام ـ: خَرَجوا مَعَ عَلِيٍّ إلى صِفّينَ وهُم مُتَوادّونَ أحِبّاءُ ، فَرَجَعوا مُتَباغِضينَ أعداءَ ، ما بَرِحوا مِن عَسكَرِهِم
1.قال ابن أبي الحديد ما ملخّصه :
العُقدة : الرأي الوثيق . الدويّ : الشديد . النَّزَعة : جمع نازع ؛ وهو الذي يستقي الماء . الأشطان : جمع شَطَن ؛ وهو الحبل . الرَّكيّ : الآبار ؛ جمع رَكيّة . الوَلَه : شدَّة الحبّ حتى يذهب العقل . اللِّقاح : الإبل ، والواحدة لقوح ؛ وهي الحلوب . أخذوا بأطراف الأرض : أي أخذوا على الناس بأطراف الأرض ؛ أي حصروهم . لا يبشّرون بالأحياء . . . . : أي إذا ولد لأحدهم مولود لم يبشّر به . مَرِهَت عينُ فلان : إذا فسدت لترك الكُحل . يُسنّي : يُسهّل . صدف عن الأمر : انصرف عنه . اعقلوها على أنفسكم : أي اربطوها والزموها (شرح نهج البلاغة : ج۷ ص۲۹۲ ـ ۲۹۶) .
2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۲۱ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۳۸ ح۹۹ وفيه إلى «الرَّكِيّ» ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۳۶۲ ح۵۹۷ وراجع الاختصاص : ص۱۵۶ .