أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ في مُحكَمِ كِتابِهِ : « وَ لَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَـئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَـسِرِينَ » ۱ وإنّي اُحَذِّرُكَ اللّهَ أن تُحبِطَ عَمَلَكَ وسابِقَتَكَ بِشَقِّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ ، وتَفريقِ جَماعَتِها ، فَاتَّقِ اللّهَ ، وَاذكُر مَوقِفَ القِيامَةِ ، وأَقلِع عَمّا أسرَفتَ فيهِ مِنَ الخَوضِ في دِماءِ المُسلِمينَ ، وإنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «لَو تَمالَأَ أهلُ صَنعاءَ وعَدَنَ عَلى قَتلِ رَجُلٍ واحِدٍ مِنَ المُسلِمينَ لَأَكَبَّهُمُ اللّهُ عَلى مَناخِرِهِم فِي النّارِ» فَكَيفَ يَكونُ حالُ مَن قَتَلَ أعلامَ المُسلِمينَ وساداتِ المُهاجِرينَ ، بَلْهَ ۲ ما طَحَنَت رَحا حَربِهِ مِن أهلِ القُرآنِ وذِي العِبادَةِ وَالإِيمانِ ؛ مِن شَيخٍ كَبيرٍ ، وشابٍّ غَريرٍ ۳ ، كُلُّهُم بِاللّهِ تَعالى مُؤمِنٌ ، ولَهُ مُخلِصٌ ، وبِرَسولِهِ مُقِرٌّ عارِفٌ ، فَإِن كُنتَ أبا حَسَنٍ إنَّما تُحارِبُ عَلَى الإِمرَةِ وَالخِلافَةِ ، فَلَعَمري لَو صَحَّت خِلافَتُكَ لَكُنتَ قَريبا مِن أن تُعذَرَ في حَربِ المُسلِمينَ ، ولكِنَّها ما صَحَّت لَكَ ، أنّى بِصِحَّتِها وأهلُ الشّامِ لَم يَدخُلوا فيها ، ولَم يَرتَضوا بِها ؟ وخَفِ اللّهَ وسَطَواتِهِ ، وَاتَّقِ بَأسَهُ ونَكالَهُ ، وَاغمِد سَيفَكَ عَنِ النّاسِ ، فَقَد وَاللّهِ أكَلَتهُمُ الحَربُ ، فَلَم يَبقَ مِنهُم إلّا كَالثَّمَدِ ۴ في قَرارَةِ الغَديرِ ، وَاللّهُ المُستَعانُ ۵ .
۹ / ۲۰
جَوابُ الإِمامِ عَنهُ
۲۵۴۵.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ كِتابِ الإِمام عليه السلام إلى مُعاوِيَةَ ـ: مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ : أمّا بَعدُ ؛ فَقَد أتَتني مِنكَ مَوعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ ورِسالَةٌ مُحَبَّرَةٌ ،
1.الزمر : ۶۵ .
2.بَلْهَ : مِن أسماء الأفعال بمعنى دَعْ واتْرُكْ (النهاية : ج۱ ص۱۵۵) .
3.وَجْهٌ غَرِير : حَسَن . والغَرير : الشابّ الذي لا تجربة له (لسان العرب : ج۵ ص۱۶) .
4.الثَّمَد : الماء القليل (النهاية : ج۱ ص۲۲۱) .
5.شرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۴۲ ؛ بحار الأنوار : ج۳۳ ص۸۰ .