395
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

قالَ : فَبَكى عَلِيٌّ رضى الله عنه ثُمَّ قالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي ذَكَرَني عِندَهُ في كُتُبِ الأَبرارِ .
قالَ : ثُمَّ سارَ وهذَا الرّاهِبُ مَعَهُ ، فَكانَ يَتَغَدّى ويَتَعَشّى مَعَ عَلِيٍّ ؛ حَتّى صارَ إلى صِفّينَ ، فَقاتَلَ فَقُتِلَ ، فَقالَ عَلِيٌّ لِأَصحابِهِ : اُطلُبوهُ ! فَطَلَبوهُ فَوَجَدوهُ ، فَصَلّى عَلَيهِ عَلِيٌّ رضى الله عنه ودَفَنَهُ وَاستَغفَرَ لَهُ ، ثُمَّ قالَ : هذا مِنّا أهلَ البَيتِ ۱ .

۶ / ۹

الوُصولُ إلَى الرَّقَّةِ

۲۴۳۳.وقعة صفّين عن يزيد بن قيس الأرحبي :ثُمَّ سارَ أميرُ المُؤمِنينَ حَتّى أتَى الرَّقَّةَ وجُلُّ أهلِهَا العُثمانِيَّةُ ، الَّذينَ فَرّوا مِنَ الكُوفَةِ بِرَأيِهِم وأهوائِهِم إلى مُعاوِيَةَ ، فَغَلَّقوا أبوابَها وتَحَصَّنوا فيها ، وكانَ أميرُهُم سِماكَ بنَ مَخرَمَةَ الأَسَدِيَّ في طاعَةِ مُعاوِيَةَ ، وقَد كانَ فارَقَ عَلِيّا في نِحوٍ مِن مِئَةِ رَجُلٍ مِن بَني أسَدٍ ، ثُمَّ أخَذَ يُكاتِبُ قَومَهُ حَتّى لَحِقَ بِهِ مِنهُم سَبعُمِئَةِ رَجُلٍ ۲ .

۲۴۳۴.الفتوح :دَعا عَلِيٌّ أهلَ الرَّقَّةِ فَقالَ : اِعقِدوا لي جِسرا عَلى هذَا الفُراتِ حَتّى أعبُرَ عَلَيهِ أنَا وأصحابي إلى قِتالِ مُعاوِيَةَ . فَأَبَوا ذلِكَ ؛ وعَلِمَ عَلِيٌّ رضى الله عنههَوى أهلِ الرَّقَّةِ في مُعاوِيَةَ ، فَتَرَكَهُم ونادى في أصحابِهِ : نَمضي لِكَي نَعبُرَ عَلى جِسرِ مَنبِجٍ ۳ .
قالَ : فَخَرَجَ الأَشتَرُ إلى أهلِ الرَّقَّةِ مغُضِبا وقالَ : وَاللّهِ يا أهلَ الرَّقَّةِ ! لَئِن لَم تَعقِدوا لِأَميرِ المُؤمِنينَ جِسرا لَاُجَرِّدَنَّ فيكُمُ السَّيفَ ولَأَقتُلَنَّ الرِّجالَ ولَأَحوِيَنَّ الأَموالَ . فَلَمّا سَمِعَ أهلُ الرَّقَّةِ ذلِكَ قالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ : إنَّ الأَشتَرَ وَاللّهِ يوفي بِما يَقولُ ؛ ثُمَّ إنَّهُم

1.الفتوح : ج۲ ص۵۵۶ ؛ وقعة صفّين : ص۱۴۷ نحوه .

2.وقعة صفّين : ص۱۴۶ .

3.مَنْبِج : مدينة كبيرة في ناحية الشام فوق الرقّة وحلب ، بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ ، وبينها وبين حلب عشرة فراسخ ، بناها أنوشيروان (راجع معجم البلدان : ج۵ ص۲۰۶) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
394

تَوارَثناهُ عَن آبائِنا ، يَذكُرونَ أنَّ عيسَى بنَ مَريَمَ عليه السلام كَتَبَهُ ، أفَأَعرِضُهُ عَلَيكَ ؟
قالَ عَلِيٌّ رضى الله عنه : نَعَم فَهاتِهِ .
فَرَجَعَ الرّاهِبُ إلَى الصَّومَعَةِ وأقبَلَ بِكِتابٍ عَتيقٍ قَد كادَ أن يَندَرِسَ ، فَأَخَذَهُ عَلِيٌّ وقَبَّلَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الرّاهِبِ ، فَقالَ : اِقرَأهُ عَلَيَّ !
فَقَرَأَهُ الرّاهِبُ عَلى عَلِيٍّ رضى الله عنه ، فَإِذا فيهِ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، الَّذي قَضى فيما قَضى وسَطَرَ فيما سَطَرَ ، أنَّهُ باعِثٌ فِي الاُمِّيّينَ رَسولاً مِنهُم يُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ ، ويَدُلُّهُم عَلى سَبيلِ الرَّشادِ ، لا فَظٌّ ۱ ولا غَليظٌ ولاصَخّابٌ ۲ فِي الأَسواقِ ، لا يَجزِي السَّيِّئَةَ السَّيِّئَةَ ولكِن يَعفو ويَصفَحُ ، اُمَّتُهُ الحامِدونَ الَّذينَ يَحمَدونَ اللّهَ عَلى كُلِّ حالٍ في هَبوطِ الأَرضِ وصَعودِ الجِبالِ ، ألسِنَتُهُم مُذَلَّلَةٌ بِالتَّسبيحِ وَالتَّقديسِ وَالتَّكبيرِ وَالتَّهليلِ ، يَنصُرُ اللّهُ هذَا النَّبِيَّ عَلى مَن ناواهُ ؛ فَإِذا تَوَفّاهُ اللّهُ اختَلَفَت اُمَّتُهُ مِن بَعدِهِ ، ثُمَّ يَلبَثونَ بِذلِكَ ما شاءَ اللّهُ ؛ فَيَمُرُّ رَجُلٌ مِن اُمَّتِهِ بِشاطِئِ هذَا النَّهرِ ، يَأمُرُ بِالمَعروفِ ويَنهى عَنِ المُنكَرِ ، يَقضي بِالحَقِّ ولا يَرتَشي فِي الحُكمِ ، الدُّنيا عَلَيهِ أهوَنُ مِن شُربِ الماءِ عَلَى الظَّمآنِ ۳ ، يَخافُ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ فِي السِّرِّ ويَنصَحُ اللّهَ فِي العَلانِيَةِ ، ولا يَأخُذُهُ فِي اللّهِ لَومَةُ لائِمٍ ، فَمَن أدرَكَ ذاكَ النَّبِيَّ فَليُؤمِن بِهِ ، فَمَن آمَنَ بِهِ كانَ لَهُ رِضوانُ اللّهِ وَالجَنَّةُ ، ومَن أدرَكَ ذلِكَ العَبدَ الصّالِحَ فَليَنصُرهُ فَإِنَّهُ وَصِيُّ خاتِمِ الأَنبِياءِ ، وَالقَتلُ مَعهُ شَهادَةٌ .
قالَ : ثُمَّ إنَّهُ أقبَلَ هذَا الرّاهِبُ عَلى عَلِيٍّ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنّي صاحِبُكَ لا اُفارِقُكَ أبَدا حَتّى يُصيبَني ما أصابَكَ .

1.فظّ : سَيِّئالخُلق (لسان العرب : ج۷ ص۴۵۱) .

2.الصَّخَب والسَّخَب : الضَّجَّة ، واضطرابُ الأصواتِ للخِصَام (النهاية : ج۳ ص۱۴) .

3.في وقعة صفّين : «الدنيا أهون عليه من الرّماد في يوم عصفت به الريح ، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء» ؛ والظاهر وقوع السقط هنا في المصدر .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 25395
صفحه از 670
پرینت  ارسال به