375
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث

أهلَ الشّامِ يَحُضّونَ مُعاوِيَةَ عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثمانَ ، فَقالَ عَمرُو بنُ العاصِ : أنتُم عَلَى الحَقِّ ، اطلُبوا بِدَمِ الخَليفَةِ المَظلومِ . ومُعاوِيَةُ لا يَلتَفِتُ إلى قَولِ عَمرٍو ۱ .

۲۴۰۸.تاريخ اليعقوبيـ في ذِكرِ قُدومِ عَمرِو بنِ العاصِ عَلى مُعاوِيَةَ وبَيعَتِهِ لَهُ ـ: فَقَدِمَ عَلى مُعاوِيَةَ ، فَذاكَرَهُ أمرَهُ ، فَقالَ لَهُ : أمّا عَلِيٌّ ، فَوَاللّهِ ، لا تُساوِي العَرَبُ بَينَكَ وبَينَهُ في شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ ، وإنَّ لَهُ فِي الحَربِ لَحَظّا ما هُوَ لِأَحَدٍ مِن قُرَيشٍ إلّا أن تَظلِمَهُ .
قالَ : صَدَقتَ ، ولكِنّا نُقاتِلُهُ عَلى ما في أيدينا ، ونُلزِمُهُ قَتلَ عُثمانَ .
قالَ عَمرٌو : واسَوءَتاه ! إنَّ أحَقَّ النّاسِ ألّا يَذكُرَ عُثمانَ لَأَنا ولَأَنتَ ۲ .
قالَ : ولِمَ وَيحَكَ ؟
قالَ : أمّا أنتَ فَخَذَلتَهُ ومَعَكَ أهلُ الشّامِ حَتَّى استَغاثَ بِيَزيدَ بنِ أسَدٍ البَجَلِيِّ ، فَسارَ إلَيهِ ؛ وأمّا أنَا فَتَرَكتُهُ عِيانا ، وهَرَبتُ إلى فِلَسطينَ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : دَعني مِن هذا مُدَّ يَدَكَ فَبايِعني !
قالَ : لا ، لَعَمرُ اللّهِ ، لا اُعطيكَ ديني حَتّى آخُذَ مِن دُنياكَ .
قالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : لَكَ مِصرُ طُعمَةً ، فَغَضِبَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ ، وقالَ : ما لي لا اُستَشارُ ؟
فَقالَ مُعاوِيَةُ : اُسكُت ، فَإِنَّما يُستَشارُ بِكَ .
فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، بِت عِندَنَا اللَّيلَةَ . وكَرِهَ أن يُفسِدَ عَلَيهِ النّاسَ ، فَباتَ عَمرٌو ، وهُوَ يَقولُ :

مُعاوِيَ لا اُعطيكَ ديني ، ولَم أنَل
بِهِ مِنكَ دُنيا ، فَانظُرَن كَيفَ تَصنَعُ

فَإِن تُعطِني مِصرا فَأَربِح بِصَفقَةٍ
أخذتَ بِها شَيخا يَضُرُّ ويَنفَعُ

وَمَا الدّينُ وَالدُّنيا سَواءً ، وإنَّني
لَاخُذُ ما اُعطى ، ورَأسي مُقَنَّعُ

ولكِنَّني اُعطيكَ هذا ، وإنَّني
لَأَخدَعُ نَفسي ، وَالمُخادِعُ يُخدَعُ

أ اُعطيكَ أمرا فيهِ لِلمُلكِ قُوَّةٌ
وأبقى لَهُ ، إن زَلَّتِ النَّعلُ اُصرَعُ ؟

وتَمنَعُني مِصرا ، ولَيسَت بِرَغبَةٍ
وإنَّ ثَرَى القَنُوعِ يَوما لَمُولَعُ ۳

فَكَتَبَ لَهُ بِمِصرَ شَرطا ، وأشهَدَ لَهُ شُهودا ، وخَتَمَ الشَّرطَ ، وبايَعَهُ عَمرٌو ، وتَعاهَدا عَلَى الوَفاءِ ۴ .

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۶۰ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۵۸ .

2.في المصدر : «لا أنا ولا أنت» ، والتصويب من طبعة النجف : ج۲ ص۱۶۲ .

3.كذا في المصدر ، وفي الشطر الأخير اضطراب ، وقد ذكر الأبيات في شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۶۶ وروى الشطر الأخير كما يلي : «وإنّي بِذَا الممنوعِ قِدماً لَمولَعُ» .

4.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۸۶ وراجع وقعة صفّين : ص۳۸ وتاريخ دمشق : ج۴۶ ص۱۷۰ والعقد الفريد : ج۳ ص۳۳۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
374

۵ / ۲

الاِستِعانَةُ بِعَمرِو بنِ العاصِ

۲۴۰۶.وقعة صفّين عن عمر بن سعد ومحمّد بن عبيد اللّه :كَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى عَمرٍو وهُوَ بِالبَيعِ مِن فِلَسطينَ : أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّهُ كانَ مِن أمرِ عَلِيٍّ وطَلحَةَ وَالزُّبَيرِ ما قَد بَلَغَكَ . وقَد سَقَطَ إلَينا مَروانُ بنُ الحَكَمِ في رافِضَةِ أهلِ البَصرَةِ ، وقَدِمَ عَلَينا جَريرُ بنُ عَبدِ اللّهِ في بَيعَةِ عَلِيٍّ ، وقَد حَبَستُ نَفسي عَلَيكَ حَتّى تَأتِيَني . أقبِل اُذاكِرك أمراً .
فَلَمّا قُرِئَ الكِتابُ عَلى عَمرٍو استَشارَ ابنَيهِ عَبدَ اللّهِ ومُحَمَّدا فَقالَ : اِبنَيَّ ، ما تَرَيانِ ؟
فَقالَ عَبدُ اللّهِ : أرى أنَّ نَبِيَّ اللّهِ صلى الله عليه و آله قُبِضَ وهُوَ عَنكَ راضٍ ، وَالخَليفَتانِ مِن بَعدِهِ ، وقُتِلَ عُثمانُ وأنتَ عَنهُ غائِبٌ . فَقِرَّ في مَنزِلِكَ فَلَستَ مَجعولاً خَليفَةً ، ولا تُريدُ أن تَكونَ حاشِيَةً لِمُعاوِيَةَ عَلى دُنيا قَليلَةٍ ، أوشَكَ أن تَهلِكَ فَتَشقى فيها .
وقالَ مُحَمَّدٌ : أرى أنَّكَ شَيخُ قُرَيشٍ وصاحِبُ أمرِها ، وإن تَصَرَّمَ هذَا الأَمرُ وأنتَ فيهِ خامِلٌ تَصاغَرَ أمرُكَ ، فَالحَق بِجَماعَةِ أهلِ الشّامِ فَكُن يَدا مِن أياديها ، وَاطلُب بِدَمِ عُثمانَ ، فَإِنَّكَ قَدِ استَنَمتَ فيهِ إلى بَني اُمَيَّةَ .
فَقالَ عَمرٌو : أمّا أنتَ يا عَبدَ اللّهِ فَأَمَرتَني بِما هُوَ خَيرٌ لي في ديني ، وأمّا أنتَ يا مُحَمَّدُ فَأَمَرتَني بِما هُوَ خَيرٌ لي في دُنيايَ ، وأنَا ناظِرٌ فيهِ ۱ .

۵ / ۳

وَعدُ المُؤازَرَةِ المَشروطَةِ

۲۴۰۷.تاريخ الطبري :خَرَجَ عَمرُو بنُ العاصِ ومَعَهُ ابناهُ حَتّى قَدِمَ عَلى مُعاوِيَةَ ، فَوَجَد

1.وقعة صفّين : ص۳۴ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۳۷۰ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۶۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 25343
صفحه از 670
پرینت  ارسال به