فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : هَيهاتَ يا أبا عَبدِ اللّهِ ! صارَ ابنُ أخيكَ أخاكَ ، ولا تَشاءُ أن أبكِيَ إلّا بَكَيتُ ، كَيفَ يُؤمِنُ ۱ بِرَحيلِ مَن هُوَ مُقيمٌ ؟
فَقالَ عَمرٌو : عَلى حينِها ، مِن حينِ ابنِ بِضعٍ وثَمانينَ سَنَةً تُقَنِّطُني مِن رَحمَةِ رَبّي ، اللّهُمَّ إنَّ ابنَ عَبّاسٍ يُقَنِّطُني مِن رَحمَتِكَ فَخُذ مِنّي حَتّى تَرضى !
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : هَيهاتَ يا أبا عَبدِ اللّهِ ! أخَذتَ جَديدا ، وتُعطي خَلَقا ؟ !
فَقالَ عَمرٌو : ما لي ولَكَ يَابنَ عَبّاسٍ ! ما اُرسِلُ كَلِمَةً إلّا أرسَلتَ نَقيضَها ۲ .
۲۳۵۷.تاريخ اليعقوبي :لَمّا حَضَرَت عَمرا الوَفاةُ قالَ لِابنِهِ : لَوَدَّ أبوكَ أنَّهُ كانَ ماتَ في غَزاةِ ذاتِ السَّلاسِلِ ؛ إنّي قَد دَخَلتُ في اُمورٍ لا أدري ما حُجَّتي عِندَ اللّهِ فيها .
ثُمَّ نَظَرَ إلى مالِهِ فَرَأى كَثرَتَهُ ، فَقالَ : يا لَيتَهُ كانَ بَعرا ، يا لَيتَنيِمتُّ قَبلَ هذَا اليَومِ بِثَلاثينَ سَنَةً ؛ أصلَحتُ لِمُعاوِيَةَ دُنياهُ ، وأفسَدتُ ديني ، آثَرتُ دُنيايَ وتَرَكتُ آخِرَتي ، عُمِّيَ عَلَيَّ رُشدي حَتّى حَضَرَني أجَلي ، كَأَنّي بِمُعاوِيَةَ قَد حَوى مالي ، وأساءَ فيكُم خِلافَتي .
وتُوُفِّيَ عَمرٌو لَيلَةَ الفِطرِ سَنَةَ ۴۳ ه ، فَأَقَرَّ مُعاوِيَةُ ابنَهُ عَبدَ اللّهِ بنَ عَمرٍو ۳ .
۲ / ۳
عُبَيدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ
ولد عبيد اللّه بن عمر بن الخطّاب في زمن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله ۴ ، وعندما قُتل أبوه
1.هكذا في المصدر، وفي شرح نهج البلاغة : «ولا تشاء أن تبلى إلّا بليت، كيف يؤمر...». وكلاهما فيه نظر.
2.الاستيعاب : ج۳ ص۲۶۹ الرقم۱۹۵۳ ، شرح نهج البلاغة : ج۶ ص۳۲۳ وراجع اُسد الغابة : ج۴ ص۲۳۴ الرقم ۳۹۷۱ .
3.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۲۲ .
4.تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۶۸ ، اُسد الغابة : ج۳ ص۵۲۲ الرقم۳۴۷۳ ، الاستيعاب : ج۳ فص۱۳۲ الرقم۱۷۳۷ ، الإصابة : ج۵ ص۴۱ الرقم۶۲۵۵ .