85
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

إنَّ الأَعاجِمَ إن يَنظُروا إلَيكَ غَدا يَقولوا : هذا أصلُ العَرَبِ ، فَإِذا اقتَطَعتُموهُ استَرَحتُم ؛ فَيَكونُ ذلِكَ أشَدَّ لِكَلَبِهِم ۱ عَلَيكَ وطَمَعِهِم فيكَ . فَأَمّا ما ذَكَرتَ مِن مَسيرِ القَومِ إلى قِتالِ المُسلِمينَ ، فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ هُوَ أكرَهُ لِمَسيرِهِم مِنكَ ، وهُوَ أقدَرُ عَلى تَغييِرِ ما يَكرَهُ ! وأمّا ما ذَكَرتَ مِن عَدَدِهِم ، فَإِنَّا لَم نَكُن نُقاتِلُ فيما مَضى بِالكَثرَةِ ، وإنَّما كُنّا نُقاتِلُ بِالنَّصرِ وَالمَعونَةِ ! ۲

۱۰۴۱.الإمام عليّ عليه السلامـ لِعُمَرَ لَمَّا استَشارَ النّاسَ في أن يَسيرَ فيمَن مَعَهُ لِقِتالَ الفُرسِ ـ: إنَّ هذَا الأَمرَ لَم يَكُن نَصرُهُ ولا خِذلانُهُ لِكَثَرةٍ ولا قِلَّةٍ ؛ هُوَ دينُهُ الَّذي أظهَرَ ، وجُندُهُ الَّذي أعَزَّ وأيّدَهُ بِالمَلائِكَةِ ، حتّى بَلَغَ ما بَلَغَ ، فَنَحنُ عَلى مَوعودٍ مِنَ اللّهِ ، وَاللّهُ مُنجِزٌ وَعدَهُ ، وناصِرٌ جُندَهُ .
ومَكانُكَ مِنهُم مَكانُ النِّظامِ مِنَ الخَرَزِ ؛ يَجمَعُهُ ويُمسِكُهُ ، فإِنِ انحَلَّ تَفَرَّقَ ما فيهِ وذَهَبَ ، ثُمَّ لَم يَجتَمِع بِحَذافيرِهِ أبَدا . وَالعَرَبُ اليَومَ وإن كانوا قَليلاً فَهِيَ كَثيرٌ عَزيزٌ بِالإِسلامِ ؛ فَأَقِم ، وَاكتُب إلى أهلِ الكوفَةِ ـ فَهُم أعلامُ العَرَبِ ورُؤَساؤُهُم ـ ومَن لَم يَحفِل ۳ بِمَن هوَ أجمَعُ وأحَدُّ وأجَدُّ مِن هؤُلاءِ : فَليَأتِهِمُ الثُّلُثانِ وَليُقِمِ الثُّلُثُ ، وَاكتُب إلى أهلِ البَصرَةِ أن يُمِدُّوهُم بِبَعضِ مَن عِندَهُم ۴ .

۱۰۴۲.الإرشاد عن أبي بكر الهُذَلِيّ :سَمِعتُ رِجالاً مِن عُلَمائِنا يَقولونَ : تَكاتَبَتِ الأَعاجِمُ مِن أهلِ هَمَذانَ وأهلِ الرَّيِّ وأهلِ أصفَهانَ وقومِسَ ۵ ونُهاوَندَ ۶ ، وأرسَلَ بَعضُهُم إلى بَعضٍ أن

1.كَلِبَ على الشيء : إذا اشتدّ حِرْصُه على طلب شيء (تاج العروس : ج۲ ص۳۸۱) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۴۶ ، بحار الأنوار : ج۴۰ ص۱۹۳ ح۷۹ .

3.الحَفْل : المُبالاة . يقال : ما أحْفِلُ بفلان ؛ أي ما اُبالي به (لسان العرب : ج۱۱ ص۱۵۹) .

4.تاريخ الطبري : ج۴ ص۱۲۳ عن أبي طعمة ، البداية والنهاية : ج۷ ص۱۰۷ .

5.قُومِس : تعريب كومس ، واسمها هذا اليوم «سمنان» ، وتقع وسط إيران في الجنوب الشرقي من طهران ، وهي مركز محافظة سمنان .

6.نُهَاوَنْد: تقع في جنوبي همذان وشرق كرمانشاه على بعد ۱۳۰ كيلو مترا، وجنوب غربي ملاير على بعد ۶۴ كيلو مترا، طولها : ۴۸ درجة و ۲۲ دقيقة ، وعرضها : ۳۴ درجة و ۱۲ دقيقة. وهي مدينة على جبل، وفيها أنهار وبساتين . قيل : إنّ نوحا عليه السلام بناها . وكانت وقعة عظيمة للمسلمين زمن عمر بن الخطّاب (راجع تقويم البلدان : ص ۴۱۶) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
84

ب : الخُروجُ بِنَفسِهِ إلى غَزوِ الرّومِ

۱۰۳۹.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كَلامٍ لَهُ وقَد شاوَرَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ فِي الخُروجِ إلى غَزوِ الرُّومِ ـ: وقَد تَوَكَّلَ اللّهُ لِأَهلِ هذَا الدّينِ بِإعزازِ الحَوزَةِ ، وسَترِ العَورَةِ ، وَالَّذي نَصَرَهُم وَهُم قَليلٌ لا يَنتَصِرونَ ، ومَنَعَهُم وَهُم قَليلٌ لا يَمتَنِعونَ ، حَيٌّ لا يَموتُ .
إنَّكَ مَتى تَسِر إلى هذَا العَدُوِّ بِنَفسِكَ فَتَلقَهُم بِشَخصِكَ فَتُنكَب ؛ لا تَكُن لِلمُسلِمينَ كانِفَةٌ ۱ دونَ أقصى بِلادِهِم . لَيسَ بَعدَكَ مَرجِعٌ يَرجِعونَ إلَيهِ ، فَابعَث إلَيهِم رَجُلاً مِحرَبا ، وَاحفِز مَعَهُ أهلَ البَلاءِ وَالنَّصيحَةِ ؛ فَإِن أظهَرَ اللّهُ فَذاكَ ما تُحِبُّ ، وإن تَكُنِ الاُخرى كُنتَ رِدءا ۲ لِلنّاسِ ومَثابَةً لِلمُسلِمينَ ۳ .

ج : الخُروجُ بِنَفسِهِ إلَى غَزوِ الفُرسِ

۱۰۴۰.الإمام عليّ عليه السلامـ في كَلامٍ لَهُ وقَد استَشارَهُ عُمَرُ في الشُّخوصِ لِقِتالِ الفُرسِ بِنَفسِهِ ـ: إنَّ هذَا الأَمرَ لَم يَكُن نَصرُهُ ولا خِذلانُهُ بِكَثَرةٍ ولا بِقِلَّةٍ ، وهُوَ دينُ اللّهِ الَّذي أظهَرَهُ ، وجُندُهُ الَّذي أعَدَّهُ وأمَدَّهُ ، حَتّى بَلَغَ ما بَلَغَ ، وطَلَعَ حَيثُ طَلَعَ ، ونَحنُ عَلى مَوعودٍ مِنَ اللّهِ ، وَاللّهُ مُنجِزٌ وَعدَهُ ، وناصِرٌ جُندَهُ .
ومَكانُ القَيِّمِ بِالأَمرِ مَكانُ النِّظامِ ۴ مِنَ الخَرَزِ ؛ يَجمَعُهُ ويَضُمُّهُ ، فَإِنِ انقَطَعَ النِّظامُ تَفَرَقَ الخَرَزُ وذَهَبَ ، ثُمَّ لَم يَجتَمِع بِحَذافيرِهِ أبَدا . وَالعَرَبُ اليَومَ وإن كانوا قَليلاً فَهُم كَثيرونَ بِالإِسلامِ ، عَزيزونَ بِالِاجتماعِ . فَكُن قُطبا ، وَاستَدِرِ الرَّحى بِالعَرَبِ ، وأصلِهِم دونَكَ نارَ الحَربِ ؛ فَإِنَّكَ إن شَخَصتَ مِن هذِهِ الأَرضِ انتَقَضَت عَلَيكَ العَرَبُ مِن أطرافِها وأقطارِها ، حَتّى يَكونَ ما تَدَعُ وَراءَكَ مِنَ العَوراتِ أهَمَّ إلَيكَ مِمّا بَينَ يَدَيكَ .

1.أي ساترة . والهاء للمبالغة (النهاية : ج۴ ص۲۰۵) .

2.الرِّدْء : العَوْن والناصِر (النهاية : ج۲ ص۲۱۳) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۳۴ ، شرح المئة كلمة : ص۲۳۱ .

4.النظام: ما نَظَمْتَ فيه الشيء من خيط وغيره (لسان العرب : ج۱۲ ص۵۷۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 32050
صفحه از 600
پرینت  ارسال به