إنَّ الأَعاجِمَ إن يَنظُروا إلَيكَ غَدا يَقولوا : هذا أصلُ العَرَبِ ، فَإِذا اقتَطَعتُموهُ استَرَحتُم ؛ فَيَكونُ ذلِكَ أشَدَّ لِكَلَبِهِم ۱ عَلَيكَ وطَمَعِهِم فيكَ . فَأَمّا ما ذَكَرتَ مِن مَسيرِ القَومِ إلى قِتالِ المُسلِمينَ ، فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ هُوَ أكرَهُ لِمَسيرِهِم مِنكَ ، وهُوَ أقدَرُ عَلى تَغييِرِ ما يَكرَهُ ! وأمّا ما ذَكَرتَ مِن عَدَدِهِم ، فَإِنَّا لَم نَكُن نُقاتِلُ فيما مَضى بِالكَثرَةِ ، وإنَّما كُنّا نُقاتِلُ بِالنَّصرِ وَالمَعونَةِ ! ۲
۱۰۴۱.الإمام عليّ عليه السلامـ لِعُمَرَ لَمَّا استَشارَ النّاسَ في أن يَسيرَ فيمَن مَعَهُ لِقِتالَ الفُرسِ ـ: إنَّ هذَا الأَمرَ لَم يَكُن نَصرُهُ ولا خِذلانُهُ لِكَثَرةٍ ولا قِلَّةٍ ؛ هُوَ دينُهُ الَّذي أظهَرَ ، وجُندُهُ الَّذي أعَزَّ وأيّدَهُ بِالمَلائِكَةِ ، حتّى بَلَغَ ما بَلَغَ ، فَنَحنُ عَلى مَوعودٍ مِنَ اللّهِ ، وَاللّهُ مُنجِزٌ وَعدَهُ ، وناصِرٌ جُندَهُ .
ومَكانُكَ مِنهُم مَكانُ النِّظامِ مِنَ الخَرَزِ ؛ يَجمَعُهُ ويُمسِكُهُ ، فإِنِ انحَلَّ تَفَرَّقَ ما فيهِ وذَهَبَ ، ثُمَّ لَم يَجتَمِع بِحَذافيرِهِ أبَدا . وَالعَرَبُ اليَومَ وإن كانوا قَليلاً فَهِيَ كَثيرٌ عَزيزٌ بِالإِسلامِ ؛ فَأَقِم ، وَاكتُب إلى أهلِ الكوفَةِ ـ فَهُم أعلامُ العَرَبِ ورُؤَساؤُهُم ـ ومَن لَم يَحفِل ۳ بِمَن هوَ أجمَعُ وأحَدُّ وأجَدُّ مِن هؤُلاءِ : فَليَأتِهِمُ الثُّلُثانِ وَليُقِمِ الثُّلُثُ ، وَاكتُب إلى أهلِ البَصرَةِ أن يُمِدُّوهُم بِبَعضِ مَن عِندَهُم ۴ .
۱۰۴۲.الإرشاد عن أبي بكر الهُذَلِيّ :سَمِعتُ رِجالاً مِن عُلَمائِنا يَقولونَ : تَكاتَبَتِ الأَعاجِمُ مِن أهلِ هَمَذانَ وأهلِ الرَّيِّ وأهلِ أصفَهانَ وقومِسَ ۵ ونُهاوَندَ ۶ ، وأرسَلَ بَعضُهُم إلى بَعضٍ أن
1.كَلِبَ على الشيء : إذا اشتدّ حِرْصُه على طلب شيء (تاج العروس : ج۲ ص۳۸۱) .
2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۴۶ ، بحار الأنوار : ج۴۰ ص۱۹۳ ح۷۹ .
3.الحَفْل : المُبالاة . يقال : ما أحْفِلُ بفلان ؛ أي ما اُبالي به (لسان العرب : ج۱۱ ص۱۵۹) .
4.تاريخ الطبري : ج۴ ص۱۲۳ عن أبي طعمة ، البداية والنهاية : ج۷ ص۱۰۷ .
5.قُومِس : تعريب كومس ، واسمها هذا اليوم «سمنان» ، وتقع وسط إيران في الجنوب الشرقي من طهران ، وهي مركز محافظة سمنان .
6.نُهَاوَنْد: تقع في جنوبي همذان وشرق كرمانشاه على بعد ۱۳۰ كيلو مترا، وجنوب غربي ملاير على بعد ۶۴ كيلو مترا، طولها : ۴۸ درجة و ۲۲ دقيقة ، وعرضها : ۳۴ درجة و ۱۲ دقيقة. وهي مدينة على جبل، وفيها أنهار وبساتين . قيل : إنّ نوحا عليه السلام بناها . وكانت وقعة عظيمة للمسلمين زمن عمر بن الخطّاب (راجع تقويم البلدان : ص ۴۱۶) .