45
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . حَتَّى انتَهَوا بِهِ إلى أبي بَكرٍ ، فَقيلَ لَهُ : بايِع ، فَقالَ :
أنَا أحَقُّ بِهذا الأَمرِ مِنكُم ، لا اُبايِعُكُم وأنتُم أولى بِالبَيعَةِ لي ، أخَذتُم هذَا الأَمرَ مِنَ الأَنصارِ ، وَاحتَجَجتُم عَلَيهِم بِالقَرابَةِ مِن رَسولِ اللّهِ ، فَأَعطَوكُمُ المَقادَةَ وَسَلَّموا إلَيكُمُ الإِمارَةَ ، وَأنَا أحتَجُّ عَلَيكُم بِمِثلِ مَا احتَجَجتُم بِهِ عَلَى الأَنصارِ ، فَأَنصِفونا إن كُنتُم تَخافونَ اللّهَ مِن أنفُسِكُم ، وَاعرِفوا لَنا مِنَ الأَمرِ مِثلَ ما عَرَفَتِ الأَنصارُ لَكُم ، وَإلّا فَبوؤوا بِالظُّلمِ وَأنتُم تَعلَمونَ .
فَقالَ عُمَرُ : إنَّكَ لَستَ مَتروكا حَتّى تُبايِعَ ، فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : اِحلَب ياعُمَرُ حَلَبا لَكَ شَطرُهُ ، اشدُد لَهُ اليَومَ أمرَهُ لِيَرُدَّ عَلَيكَ غَدا ، ألا وَاللّهِ لا أقبَلُ قَولَكَ ولا اُبايِعُهُ . فَقالَ لَهُ أبو بَكرٍ : فَإِن لم تُبايِعني لَم اُكرِهكَ .
فَقالَ لَهُ أبو عُبَيدَةَ : يا أبَا الحَسَنِ ! إنَّكَ حَديثُ السِّنِّ وَهؤُلاءِ مَشيخَةُ قُرَيشٍ قَومِكَ ، لَيسَ لَكَ مِثلُ تَجرَبَتِهِم وَمَعرِفَتِهِم بِالاُمورِ ، وَلا أرى أبا بَكرٍ إلّا أقوى عَلى هذَا الأَمرِ مِنكَ ، وَأشَدَّ احتِمالاً لَهُ وَاضطِلاعا بِهِ ، فَسَلِّم لَهُ هذَا الأَمرَ وَارضَ بِهِ ؛ فَإِنَّكَ إن تَعِش وَيَطُل عُمُرُكَ فَأَنتَ لِهذَا الأَمرِ خَليقٌ ، وَبِهِ حَقيقٌ في فَضلِكَ وَقَرابَتِكَ وَسابِقَتِكَ وَجِهادِكَ .
فَقالَ عَلِيٌّ : يامَعشَرَ المُهاجِرينَ ، اللّهَ اللّهَ لا تُخرِجُوا سُلطانَ مُحَمَّدٍ عَن دارِهِ وبَيتِهِ إلى بُيوتِكُم وَدورِكُم ، وَلا تَدفَعوا أهلَهُ عَن مَقامِهِ فِي النّاسِ وَحَقِّهِ ، فَوَاللّهِ يا مَعشَرَ المُهاجِرينَ ، لَنَحنُ أهلَ البَيتِ أحَقُّ بِهذَا الأَمرِ مِنكُم ، أما كانَ مِنَّا القارِئُ لِكِتابِ اللّهِ ، الفَقيهُ في دينِ اللّهِ ، العالِمُ بالسُّنَّةِ ، المُضطَلِعُ بِأَمرِ الرَّعِيَّةِ ؟ وَاللّهِ إنَّهُ لَفينا ؛ فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى ؛ فَتَزدادوا مِنَ الحَقِّ بُعدا .
فَقالَ بَشيرُ بنُ سَعدٍ : لَو كانَ هذَا الكَلامُ سَمِعَتهُ مِنكَ الأَنصارُ ياعَلِيُّ قَبلَ بَيعَتِهِم لاِبي بَكرٍ مَا اختَلَفَ عَلَيكَ اثنانِ ، ولكِنَّهُم قَد بايَعوا ! .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
44

فَتَكَلَّمَ بَشيرُ بنُ سَعدٍ الأَنصارِيُّ فَقالَ : يا أبَا الحَسَنِ ، أما وَاللّهِ لَو أنَّ هذَا الكَلامَ سَمِعَهُ النّاسُ مِنكَ قَبلَ البَيعَةِ لَمَا اختَلَفَ عَلَيكَ رَجُلانِ ، وَلَبايَعَكَ النّاسُ كُلُّهُم ، غَيرَ أنَّكَ جَلَستَ في مَنزِلِكَ وَلَم تَشهَد هذَا الأَمرَ ، فَظَنَّ النّاسُ أن لا حاجَةَ لَكَ فيهِ ، وَالآنَ فَقَد سَبَقَتِ البَيعَةُ لِهذَا الشَّيخِ ، وَأنتَ عَلى رَأسِ أمرِكَ .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : وَيحَكَ يا بَشيرُ ! أ فَكانَ يَجِبُ أن أترُكَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله في بَيتِهِ فَلَم أجِبهُ إلى حُفرَتِهِ ، وأخرُجَ اُنازِعُ النّاسَ بِالخِلافَةِ ؟ ! ۱

۹۶۵.شرح نهج البلاغة عن سعيد بن كثير بن عُفير الأنصاريـ في ذِكرِ يَومِ السَّقيفَةِ ـ: كَثُرَ النّاسُ عَلى أبي بَكرٍ ، فَبايَعَهُ مُعظَمُ المُسلِمينَ في ذلِكَ اليَومِ ، وَاجتَمَعَت بَنو هاشِمٍ إلى بَيتِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ وَمَعَهُمُ الزُّبَيرُ ؛ وكانَ يَعُدُّ نَفسَهُ رَجُلاً مِن بَني هاشِمٍ ، كانَ عَلِيٌّ يَقولُ : ما زالَ الزُّبَيرُ مِنّا أهلَ البَيتِ حَتّى نَشَأَ بَنوهُ فَصَرَفوهُ عَنّا .
وَاجتَمَعَت بَنو اُمَيَّةَ إلى عُثمانَ بنِ عَفّانَ ، وَاجتَمَعَت بَنو زُهرَةَ إلى سَعدٍ وَعَبدِ الرَّحمنِ ، فَأَقبَلَ عُمَرُ إلَيهِم وَأبو عُبَيدَةَ فَقالَ : مالي أراكُم مُلتاثينَ ۲ ؟ قوموا فَبايِعوا أبا بَكرٍ ؛ فَقَد بايَعَ لَهُ النّاسُ ، وَبايَعَهُ الأَنصارُ . فَقامَ عُثمانُ وَمَن مَعَهُ ، وَقامَ سَعدٌ وعَبدُ الرَّحمنِ وَمَن مَعَهُما فَبايَعوا أبا بَكرٍ .
وَذَهَبَ عُمَرُ وَمَعَهُ عِصابَةٌ إلى بَيتِ فاطِمَةَ ، مِنهُم اُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ ، وَسلَمَةُ بنُ أسلَمَ ، فَقالَ لَهم : اِنطَلِقوا فَبايِعوا ، فَأَبَوا عَلَيهِ ، وَخَرَجَ إلَيهِمُ الزُّبَيرُ بِسَيفِهِ ، فَقالَ عُمَرُ : عَلَيكُم الكَلبَ ، فَوَثَبَ عَلَيهِ سَلَمَةُ بنُ أسلَمَ ، فَأَخَذَ السَّيفَ مِن يَدِهِ ، فَضَرَبَ بِهِ الجِدارَ ، ثُمَّ انطَلَقوا بِهِ وَبِعَلِيٍّ وَمَعَهُما بَنو هاشِمٍ ، وَعَلِيٌّ يَقولُ : أنَا عَبدُ اللّهِ وَأخو

1.الردّة : ص ۴۶ وراجع الاحتجاج : ج۱ ص۱۸۲ ح۳۶ والمسترشد : ص۳۷۴ ح۱۲۳ وشرح نهج البلاغة : ج۶ ص۶ ـ ۱۲ والإمامة والسياسة : ج۱ ص۲۸ .

2.اللوثة : الاسترخاء والبط ء (لسان العرب : ج۲ ص۱۸۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 32300
صفحه از 600
پرینت  ارسال به