383
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

۱۳۴۴.شرح نهج البلاغة عن المدائنيـ في ذِكرِ مَجلِسٍ حَضَرَ فيهِ ابنُ عَبّاسٍ ومُعاوِيَةُ ـ: فَقالَ المُغيرَةُ بنُ شُعبَةَ : أما وَاللّهِ لَقَد أشَرتُ عَلى عَلِيٍّ بِالنَّصيحَةِ فَآثَرَ رَأيَهُ ، وَمضى عَلى غُلَوائِهِ ، فَكانَتِ العاقِبَةُ عَلَيهِ لا لَهُ ، وإنّي لَأَحسَبُ أنَّ خَلقَهُ يَقتَدونَ بِمَنهَجِهِ .
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : كانَ وَاللّهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام أعلَمَ بِوُجوهِ الرَّأيِ ، ومَعاقِدِ الحَزِم ، وتَصريفِ الاُمورِ ، مِن أن يَقبَلَ مَشورَتَكَ فيما نَهَى اللّهُ عَنهُ ، وعَنَّفَ عَلَيهِ ، قالَ سُبحانَهُ : «لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْأَخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ . . .» ۱ ، ولَقَد وَقَّفَكَ عَلى ذِكرٍ مُبينٍ ، وآيَةٍ مَتلُوَّةٍ ؛ قَولُهُ تَعالى : «وَ مَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا» ۲ .
وهَل كانَ يَسوغُ لَهُ أن يُحَكِّمِ في دِماءِ المُسلِمينَ وفَيءِ المُؤمِنينَ ، مَن لَيسَ بِمَأمونٍ عِندَهُ ، ولا مَوثوقٍ بِهِ في نفَسِهِ ؟ هَيهاتَ هَيهاتَ ! هُوَ أعلَمُ بِفَرضِ اللّهِ وسُنَّةِ رَسولِهِ أن يُبطِنَ خِلافَ ما يُظهِرَ إلّا لِلتَّقِيَّةِ ، ولاتَ حينَ تَقِيَّةٍ ! مَعَ وُضوحِ الحَقِّ ، وثُبوتِ الجَنانِ ، وكَثرَةِ الأَنصارِ ، يَمضي كَالسَّيفِ المُصلِتِ في أمرِ اللّهِ ، مُؤثِرا لِطاعَةِ ربِّهِ ، وَالتَّقوى عَلى آراءِ أهلِ الدُّنيا ۳ .

۲ / ۳

اِستِردادُ أموالِ بَيتِ المالِ

۱۳۴۵.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كَلامٍ لَهُ فيما رَدَّهُ عَلَى المُسلِمينَ مِن قَطائِعِ عُثمانَ ـ: وَاللّهِ لَو وَجَدتُهُ قَد تُزُوِّجَ بِهِ النِّساءُ ، ومُلِكَ بِهِ الإِماءُ ؛ لَرَدَدتُهُ ، فَإِنَّ فِي العَدلِ سَعَةً ، ومَن ضاقَ عَلَيه

1.المجادلة : ۲۲ .

2.الكهف : ۵۱ .

3.شرح نهج البلاغة : ج۶ ص۳۰۱ ؛ بحار الأنوار : ج۴۲ ص۱۷۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
382

قالَ لَهُ عَلِيٌّ : ولِمَ نَصَحَني ؟
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : لِأَنَّكَ تَعلَمُ أنَّ مُعاوِيَةَ وأصحابَهُ أهلُ دُنيا فَمَتى تُثبِتُهُم لا يُبالوا بِمَن وَلِيَ هذَا الأَمرَ ، ومَتى تَعزِلُهُم يَقولوا : أخَذَ هذَا الأَمرَ بِغَيرِ شورى وهُوَ قَتَلَ صاحِبَنا ، ويُؤَلِّبونَ عَلَيكَ فَيَنتَقِضُ عَلَيكَ أهلُ الشّامِ وأهلُ العِراقِ ، مَعَ أنّي لا آمَنُ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ أن يَكُرّا عَلَيكَ .
فَقالَ عَلِيٌّ : أمّا ما ذَكَرتَ مِن إقرارِهِم ، فَوَاللّهِ ما أشُكُّ أنَّ ذلِكَ خَيرٌ في عاجِلِ الدُّنيا لِاءِصلاحِها ، وأمَّا الَّذي يَلزَمُني مِنَ الحَقِّ وَالمَعرِفَةِ بِعُمّالِ عُثمانَ فَوَاللّهِ لا اُوَلّي مِنهُم أحَدا أبَدا ، فَإِن أقبَلوا فَذلِكَ خَيرٌ لَهُم ، وإن أدبَروا بَذَلتُ لَهُمُ السَّيفَ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَأَطِعني وَادخُل دارَكَ وَالحَق بِمالِكَ بِيَنبُعَ ۱ وأغلِق بابَكَ عَلَيكَ ، فَإِنَّ العَرَبَ تَجولُ جَولَةً وتَضطَرِبُ ولا تَجِدُ غَيرَكَ ، فَإِنَّكَ وَاللّهِ لَئِن نَهَضتَ مَعَ هؤُلاءِ اليَومَ لَيُحَمِّلَنَّكَ النّاسُ دَمَ عُثمانَ غَدا .
فَأَبى عَلِيٌّ ، فَقالَ لِابنِ عَبّاسٍ : سِر إلَى الشّامِ فَقَد وَلَّيتُكَها .
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : ما هذا بِرَأيٍ ، مُعاوِيَةُ رَجُلٌ مِن بَني اُمَيَّةَ وهُوَ ابنُ عَمِّ عُثمانَ وعامِلُهُ عَلَى الشّامِ ، ولَستُ آمَنُ أن يَضرِبَ عُنُقي لِعُثمانَ أو أدنى ما هُوَ صانِعٌ أن يَحبِسَني فَيَتَحَكَّمَ عَلَيَّ .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : ولِمَ ؟
قالَ : لِقَرابَةٍ ما بَيني وبَينَكَ ، وإنَّ كُلَّ ما حُمِلَ عَلَيكَ حُمِل عَلَيَّ ، ولكِنِ اكتُب إلى مُعاوِيَةَ فَمُنَّهُ وعِدهُ .
فَأَبى عَلِيٌّ وقالَ : وَاللّهِ لا كانَ هذا أبَدا ۲ .

1.يَنْبُع : بليدة بالقرب من المدينة ، بها عيون وحضر وحصن (تقويم البلدان : ص۸۹) .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۳۹ وراجع مروج الذهب : ج۲ ص۳۶۴ والكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۰۶ والبداية والنهاية : ج۷ ص۲۲۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 32036
صفحه از 600
پرینت  ارسال به