331
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

نظر تحليلي حول أسباب كراهة الإمام لقبول الحكومة

كانت الثورة على عثمان ـ بسبب ممارساته في الحكم ـ عامّة شاملة ، وقد أفضى شمول الثورة وتطلّع النّاس إلى شخصيّة بارزة للخلافة إلى أن تكون مقدّرات الخلافة خارجة من قبضة التيّارات المتباينة ؛ أي أنّ النّاس أنفسهم كانوا أصحاب القرار في اختيار القائد السياسي.
وكانت القلوب بأسرها يومئذٍ تتشوّف إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وحده بلا أدنى تردّد، فقد كان أكفَأ إنسان لخلافة النبيّ صلى الله عليه و آله ، وها هو اسمه تردّده الألسن وإن زُوي مدّةً دامت خمسا وعشرين سنةً.
وكان الإقبال الشعبي العامّ إليه بنحوٍ لم يتَسَنَّ لأحدٍ أن يخالفه فيه قطّ . من هنا شعر مدّعو الخلافة ـ الَّذين كانوا يزعمون أنّهم نظائره عليه السلام ، وكانوا معه في الشورى السداسيّة ـ أنّ الحنكة السياسيّة تتطلّب المبادرة إلى بيعته والسبق إليها.
وكانت الأمواج البشريّة العارمة تنثال عليه من كلّ جانبٍ لبيعته، بَيْد أنّه عليه السلام وقف بحزمٍ وصرامة ورفضَ البيعة، وطلب من النّاس أن يَدَعوه ويلتمسوا غيره، وقال لهم: «أنَا لَكُم وَزيرا خَيرٌ لَكُم مِنّي أميرا».
ومن العجيب أنّ الرجل الَّذي كان يرى نفسه الخليفة المباشر للنبيّ صلى الله عليه و آله ، وما برح يعرض ظلامته ويتحدّث عن أهليّته وجدارته للخلافة خلال المدّة الطويلة لإزوائه


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
330

رَغبَةٌ ، ولا فِي الوِلايَةِ إربَةٌ ، ولكِنَّكُم دَعَوتُموني إلَيها ، وحَمَلتُموني عَلَيها ، فَلَمّا أفضَت إلَيَّ نَظَرتُ إلى كِتابِ اللّهِ وما وَضَعَ لَنا وأمَرَنا بِالحُكمِ بِهِ فَاتَّبَعتُهُ ، وما استَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَاقتَدَيتُهُ ۱ .

۱۲۸۵.عنه عليه السلامـ مِن كَلامِهِ لَمّا أرادَ المَسيرَ إلى ذي قارٍ ـ: بايَعتُموني وأنَا غَيرُ مَسرورٍ بِذلِكَ ، ولا جَذِلٍ ۲ ، وقَد عَلِمَ اللّهُ سُبحانَهُ أنّي كُنتُ كارِها لِلحُكومَةِ بَينَ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ؛ ولَقَد سَمِعتُهُ يَقولُ : ما مِن والٍ يَلي شَيئا مِن أمرِ اُمَّتي إلّا اُتِيَ بِهِ يَومَ القيامَةِ مَغلولَةً يَداهُ إلى عُنُقِهِ ، عَلى رُؤوسِ الخَلائِقِ ، ثُمَّ يُنشَرُ كِتابُهُ ، فَإِن كانَ عادِلاً نَجا ، وإن كانَ جائِرا هَوى ۳ .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۲۰۵ .

2.جَذِل بالشيء يَجذَل جَذَلاً ، فهو جَذِلٌ وجذلانُ : فَرِحَ (لسان العرب : ج۱۱ ص۱۰۷) .

3.الجمل : ص۲۶۷ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۶۳ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۳۰۹ عن زيد بن صوحان .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 32024
صفحه از 600
پرینت  ارسال به