من جهة اُخرى كان الإمام يعلم جيّداً بأنّ الطريق الجديد والإعلان عن نهج الإصلاح العلوي الَّذي هو نفسه الإصلاح المحمّدي ، لا يتّسق مع مزاج المجتمع في ظلّ الأوضاع السياسيّة الَّتي كانت سائدة ، وبحسب قوله عليه السلام : «لا تَقُومُ لَهُ القُلُوبُ ، ولا تَثبُتُ عَلَيهِ العُقُولُ» ، حيث تستتبع عمليّة مواجهة الانحرافات ، ومكافحة الاعوجاج كثيراً من الاضطرابات السياسيّة .
من هذه الزاوية كانت عمليّة الإصلاح السياسي والاجتماعي الشامل بحاجة إلى إعداد وتخطيط عميق جدّاً ومحسوب .
سياسة الإمام في مواجهة الانحراف
لم يتعامل الإمام عليه السلام مع الانحرافات الموجودة بعجلة ؛ لأنّ التعاطي مرّة واحدة وبشكل مباشر مع جميع الانحرافات الَّتي كان المجتمع قد اعتاد عليها خلال سنوات ، يجرّ إلى عدم الرضا العامّ ، ويُفضي إلى الفرقة وضعف بنيان الحكم ، بل ولجَ الإمام هذه الدائرة على أساس برنامج تمّ الإعداد له جيّداً ، فقسَّم الإصلاحات الَّتي ينبغي أن تضطلع بها حكومته إلى قسمين ، هما :
۱ ـ مواجهة الفساد الإداري والاقتصادي .
۲ ـ مواجهة الانحرافات الثقافيّة .
سياسة الإصلاح الإداري والاقتصادي
لقد انطلقت سياسة الإصلاح العلوي في مواجهة الفساد الإداري والاقتصادي منذ الأيّام الاُولى لعهد الإمام السياسي ، فعزَل الولاة غير الأكفّاء ، وأعاد الأموال العامّة إلى بيت المال .
لقد أشار الإمام منذ يوم البيعة الأوّل إلى نهجه الاُصولي في الإصلاح ، ونبَّه إلى