ومن هذا المنظار سيتمّ عرض تعاليم الإمام علي عليه السلام في هذا المجال .
أمّا ما يميّز الإسلام على هذا الصعيد عن بقيّة المدارس والمنهجيّات فيكمن في «مفهوم» السياسة العلويّة في مقابل «مفهوم» السياسة الاُمويّة ، وما ينطوي عليه هذا المصطلح من مضامين معنويّة .
السياسة في المدرسة الاُمويّة
تنظر المدرسة الاُمويّة إلى السياسة على أنّها : «تشخيص الهدف وبلوغه بأيّ طريق ممكن» . والحقيقة أنّ سياسيّي العالم في الماضي والحاضر الَّذين يتعاطون هذه الممارسة رسميّاً ، لا يفهمون من «السياسة» أكثر من هذا .
وحقيقة الحال أنّ السياسة في المدرسة الاُمويّة بمعناها الشائع في التقليد السياسي للحكومات والأنظمة ، لا تنهض على اُصولٍ ومرتكزات قيميّة . فهذا (شينفلر) أحد منظّري السياسة وفق هذا المبنى يقول : لا شأن للسياسي المحترف في أن تكون الاُمور حقّاً أم باطلاً .
على المستوى ذاته حلّل (برتراند راسل) أيضاً الدوافع والألاعيب السياسيّة ، وتعاطى وإيّاها من خلال المنظار نفسه ، وهو يقول : «يتمثّل الحافز السياسي عند أكثر النّاس بالنفعيّّة والأنانيّة والتنافس وحبّ السلطة . على سبيل المثال : يكمن مصدر جميع الأعمال الإنسانيّة في الممارسة السياسيّة بالعوامل المذكورة آنفاً .
فالقائد السياسي الَّذي يستطيع إقناع النّاس بقدرته على تلبية هذه الاحتياجات وإشباعها ، تصل قدرته في احتواء جماهير النّاس وضمّها إلى سلطته حدّاً تؤمن فيه أنّ اثنين زائد اثنين يساوي خمسة ، أو أنّ جميع هذه الصلاحيّات قد فُوّضت إليه من قِبل اللّه !
أمّا القائد السياسي الَّذي يُغضي عن مثل هذه الدوافع ويهملها ، فهو لا يحظى