فَقالَ عُثمانُ : إنَّ هذَا الرَّأيَ لَولا ما فيهِ .
ثُمَّ أقبَلَ [عَلى] مُعاوِيَةَ فَقالَ : ما رَأيُكَ ؟ قالَ : أرى لَكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ أن تَرُدَّ عُمّالَكَ عَلَى الكِفايَةِ لِما قِبَلَهُم ، وأنَا ضامِنٌ لَكَ قِبَلي .
ثُمَّ أقبَلَ عَلى عَبدِ اللّهِ بنِ سَعدٍ فَقالَ : ما رَأيُكَ ؟ قالَ : أرى يا أميرُ المُؤمِنينَ أنَّ النّاسَ أهلُ طَمَعٍ فَأَعطِهِم مِن هذَا المالِ تَعطِف عَلَيكَ قُلوبَهُم .
ثُمَّ أقبَلَ عَلى عَمرِو بنِ العاصِ فَقالَ لَهُ : ما رَأيُكَ ؟ قالَ : أرى أنَّكَ قَد رَكِبتَ النّاسَ بِما يَكرَهونَ ، فَاعتَزِم أن تَعتَدِلَ ؛ فَإِن أبَيتَ فَاعتَزِم أن تَعتَزِلَ ؛ فَإِن أَبيتَ فَاعتَزِم عَزما وَامضِ قُدُما .
فَقالَ عُثمانُ : مالَكَ قَمِلَ فَرَوُكَ ؟ ! أ هذَا الجِدُّ مِنكَ ؟ فَأَسكَتَ عَنهُ دَهرا ، حَتّى إذا تَفَرَّقَ القَومُ قالَ عَمرٌو : لا وَاللّهِ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، لَأَنتَ أعَزُّ عَلَيَّ مِن ذلِكَ ، ولكِنَ قَد عَلِمتُ أن سَيَبلُغَ النّاسَ قَولُ كُلِّ رَجُلٍ مِنّا ، فَأَرَدتُ أن يَبلُغَهُم قَولي فَيَثقوا بي ، فَأَقودَ إليكَ خَيرا أو أدفَعَ عَنكَ شَرّا . . . فَرَدَّ عُثمانُ عُمّالَهُ عَلى أعمالِهِم ، وأمَرَهُم بِالتَّضييقِ عَلى مَن قِبَلَهُم ، وأمَرَهُم بِتَجميرِ النّاسِ فِي البُعوثِ ، وعَزَمَ عَلى تَحريمِ أعطِياتِهِم لِيُطيعوهُ ويَحتاجوا إلَيهِ ۱ .
راجع : ص ۲۱۵ (نقض التوبة والمعاهدة) .
۵ / ۱۲
آخِرُ ما أدّى إلى قَتلِ عُثمانَ
۱۲۱۶.الفتوح :أرسَلَ عُثمانُ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه ، فَدَعاهُ فَقالَ : يا أبَا الحَسَنِ ! أنتَ لِهؤُلاءِ القَومِ ، فَادعوهُم إلى كِتابِ اللّهِ عَزَّوجَلَّ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَاكفِني مِمّا يَكرَهونَ .