فَلَم يُقِم بِالمَدينَةِ إلّا أيّاما ، حَتّى أرسَلَ إلَيهِ عُثمانُ : وَاللّهِ لَتَخرُجَنَّ عَنها !
قالَ : أتُخرِجُني مِن حَرَمِ رسولِ اللّهِ ؟ ! قالَ : نَعَم ، وأنفُكَ راغِمٌ .
قالَ : فإلى مَكَّةَ ؟ قالَ : لا .
قالَ : فَإِلى البَصرَةِ ؟ قالَ : لا .
قالَ : فَإِلَى الكوفَةِ ؟ قالَ : لا ولكِن إلَى الرَّبَذَةِ الَّتي خَرَجتَ مِنها ، حَتّى تَموتَ بِها . يا مَروانُ ، أخرِجهُ ، ولا تدَع أحدا يُكَلِّمُهُ حَتّى يَخرُجَ ۱ .
۱۱۵۸.مُروج الذّهبـ في ذِكرِ ما طُعِنَ بِهِ عَلى عُثمانَ ـ: ومِن ذلِكَ ما فَعَلَ بِأَبي ذَرٍّ ؛ وَهُوَ أنَّهُ حَضَرَ مَجلِسَهُ ذاتَ يَومٍ ، فَقالَ عُثمانُ : أ رَأَيتُم مَن زَكّى مالَهُ ، هَل فيهِ حَقٌّ لِغَيرِهِ ؟ فَقالَ كَعبٌ : لا ، يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَدَفَعَ أبو ذَرٍّ في صَدرِ كَعبٍ ، وَقالَ لَهُ : كَذِبتَ يَابنَ اليَهودِيِّ ، ثُمَّ تَلا : «لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ» ۲ اَلآيَةَ .
فَقالَ عُثمانُ : أ تَرَونَ بَأسا أن نَأخُذَ مالاً مِن بَيتِ مالِ المُسلِمينَ فَنُنفِقَهُ فيما يَنوبُنا مِن اُمورِنا ، ونُعطيكُموهُ ؟ فَقالَ كَعبٌ : لا بَأسَ بِذلِكَ .
فَرَفَعَ أبو ذَرٍّ العَصا ، فَدَفَعَ بِها في صَدرِ كَعبٍ ، وَقالَ : يَابنَ اليَهودِيِّ ما أجرَأَكَ عَلَى القَولِ في دينِنا !
فَقالَ لَهُ عُثمانُ : ما أكثَرَ أذاكَ لي ! غَيِّب وَجهَكَ عَنّي ؛ فَقَد آذَيتَنا . فَخَرَجَ أبو ذَرٍّ إلَى الشّامِ .
فَكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى عُثمانَ : إنَّ أبا ذَرٍّ تَجتَمِعُ إلَيهِ الجُموعُ ، ولا آمَنُ أن يُفسِدَهُم