309
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

وبهذا السلوك كان الإمام يدلّل عملياً على الموقع الَّذي يحظى به القضاء ، ويدافع عن حقوق النّاس ، بالإضافة إلى أنّه يُعلّم قادة المستقبل درساً بليغاً في الخضوع أمام الجهاز القضائي .

۸ ـ موقع مصالح النظام في إصدار الأحكام

ليس هناك شيء يمكن أن يحول دون إجراء القوانين الإسلاميّة الأصيلة في النظام القضائي التابع للحكم العلوي ، إلّا في مواضع يؤدّي فيها القضاء بالأحكام الإسلاميّة الأصيلة إلى فرقة الاُمّة الإسلاميّة ، ويُفضي إلى تزلزل قواعد الحكم الإسلامي نفسه . وهذه حالة خاصّة ـ برزت في عهد الإمام ـ نتيجة أوضاع سياسيّة واجتماعيّة معيّنة ، وانبثقت على أثر رؤية خاصّة حملها النّاس إزاء القانون الإلهي .
في مواجهة أوضاع كهذه خاطب الإمام علي عليه السلام شُريحاً القاضي ، بقوله : «اقضِ كَما كُنتَ تَقضِي حَتّى يَجتَمِعَ أمرُ النّاسِ» .

اُصول السياسة الأمنيّة

أولى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الجانب الأمني أهمّية فائقة ، وكان يعدّ البقعة الَّتي تفتقد إلى الأمن أسوأ الأماكن . كما ذكرأنّ من الأدلة الَّتي دفعته إلى قبول الحكم هي إيجاد الإصلاحات الأمنيّة .
أمّا اُصول السياسة الأمنيّة للإمام ، فهي تتمثّل بما يلي :

۱ ـ تأسيس نظام أمني فاعل

برغم أنّ التاريخ لا يسجّل وجود مؤسسة مستقلّة في حكومة الإمام بعنوان أنّها مؤسّسة أمنيّة ، إلّا أنّ ملاحظة النصوص المتفرّقة ذات الصلة بالمهام الأمنيّة ، وتأمّل الأعمال الَّتي كان يقدم عليها الإمام بالاستناد إلى ما يجتمع لديه من أخبار سرّية ، كلّ ذلك يحكي وجود تنظيمات في حكومته وظيفتها جمع الأخبار الَّتي تتّصل


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
308

۵ ـ الرقابة الدقيقة على القضاة

كان الإمام أمير المؤمنين يعدّ نفسه مسؤولاً عن صحّة عمل الجهاز القضائي وسلامته ، وحينئذٍ لم يكن يكتفي بلغة الموعظة وتحذير القضاة من تضييع حقوق المجتمع ، بل كان يمارس الإشراف المباشر على عمل القضاة ، بل يراقب أحكامهم أيضاً .
ونظراً لما يحظى به الجهاز القضائي من موقع ممتاز في إصلاح شؤون المجتمع ، كان الإمام يحرص على ممارسة القضاء والفصل في القضايا من خلال موقع «دكّة القضاء» برغم ما عليه من مهامّ ومسؤوليّات .

۶ ـ وحدة الرؤية القضائيّة

في رؤية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لا يجوز لقضاة النظام الإسلامي اختلافهم في إصدار الأحكام ، بل لابدَّ من وحدة الرؤية . أمّا المسؤوليّة في إيجاد هذه الوحدة الَّتي تنتظم أحكام الجهاز القضائي فهي تقع على عاتق القيادة .

۷ ـ تساوي الجميع أمام القانون

في النظام العلوي يتساوى النّاس جميعاً أمام القانون . ثمَّ إنّ الجهاز القضائي بدرجة من الاستقلال ، ويحظى بمنزلة خاصّة تمكِّنه من إجراء القانون على أفراد المجتمع بصيغة متساوية . فالمجتمع بجميع طبقاته سواسية أمام القاضي والجهاز القضائي ، يستوي في ذلك حَتّى الإمام والقائد الَّذي نصب القاضي في موقعه وخوّله ممارسة القضاء .
لقد كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام خاضعاً للجهاز القضائي في حكومته برغم كلّ ما يحظى به من مكانة مرموقة على الصعيد العلمي والعملي والسياسي ، وقد حضر إلى المحكمة للإجابة عن أسئلة القاضي الَّذي نصبه بنفسه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 32171
صفحه از 600
پرینت  ارسال به