وبهذا السلوك كان الإمام يدلّل عملياً على الموقع الَّذي يحظى به القضاء ، ويدافع عن حقوق النّاس ، بالإضافة إلى أنّه يُعلّم قادة المستقبل درساً بليغاً في الخضوع أمام الجهاز القضائي .
۸ ـ موقع مصالح النظام في إصدار الأحكام
ليس هناك شيء يمكن أن يحول دون إجراء القوانين الإسلاميّة الأصيلة في النظام القضائي التابع للحكم العلوي ، إلّا في مواضع يؤدّي فيها القضاء بالأحكام الإسلاميّة الأصيلة إلى فرقة الاُمّة الإسلاميّة ، ويُفضي إلى تزلزل قواعد الحكم الإسلامي نفسه . وهذه حالة خاصّة ـ برزت في عهد الإمام ـ نتيجة أوضاع سياسيّة واجتماعيّة معيّنة ، وانبثقت على أثر رؤية خاصّة حملها النّاس إزاء القانون الإلهي .
في مواجهة أوضاع كهذه خاطب الإمام علي عليه السلام شُريحاً القاضي ، بقوله : «اقضِ كَما كُنتَ تَقضِي حَتّى يَجتَمِعَ أمرُ النّاسِ» .
اُصول السياسة الأمنيّة
أولى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الجانب الأمني أهمّية فائقة ، وكان يعدّ البقعة الَّتي تفتقد إلى الأمن أسوأ الأماكن . كما ذكرأنّ من الأدلة الَّتي دفعته إلى قبول الحكم هي إيجاد الإصلاحات الأمنيّة .
أمّا اُصول السياسة الأمنيّة للإمام ، فهي تتمثّل بما يلي :
۱ ـ تأسيس نظام أمني فاعل
برغم أنّ التاريخ لا يسجّل وجود مؤسسة مستقلّة في حكومة الإمام بعنوان أنّها مؤسّسة أمنيّة ، إلّا أنّ ملاحظة النصوص المتفرّقة ذات الصلة بالمهام الأمنيّة ، وتأمّل الأعمال الَّتي كان يقدم عليها الإمام بالاستناد إلى ما يجتمع لديه من أخبار سرّية ، كلّ ذلك يحكي وجود تنظيمات في حكومته وظيفتها جمع الأخبار الَّتي تتّصل