السياسة في عالَم السياسييّن المحترفين فلن يبقى منها شيء .
أمّا في قاموس السياسة العلويّة فإنّ الصدق أوّل شروط الحكم والتأهّل السياسي ، فإذا لم يكن ثَمَّ وجود للصدق السياسي فلن يكون هناك معنى لسيادة الحقّ ، وحاكميّة القانون ، وحقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعيّة ، وجميع البرامج والسياسات البنّاءة الَّتي سنشير لها بعدئذٍ ، حيث تتحوّل بأجمعها إلى كلمات فارغة لا معنى لها ، وتنقلب إلى أداة للابتزاز والتعدّي على حقوق النّاس أكثر .
في نهج السياسة العلويّة لا يجوز توظيف الحيل السياسيّة إلّا في مورد واحد هو الحرب ، والحرب هي الاستثناء الوحيد للّجوء إلى الخديعة ، كما سيأتي توضيح ذلك أثناء الحديث عن السياسة الحربيّة للإمام عليه السلام .
۲ ـ محوريّة الحقّ
تعدّ محوريّة الحقّ مظهراً للصدق السياسي في الحكم العلوي ، فإذا ما جلت النظر في سلوك الإمام عليه السلام وسيرته السياسيّة في جميع مجالات الحكم ، لرأيت أن الالتزام بهذا الأصل واضح في ثنايا هذه السيرة ، وفي كلّ مرفق من مرافقها . لقد كان الإمام يرى أنّ إقامة الحقّ وإحقاقه هو عماد فلسفة حكمه ، ولم يكن يفكِّر في إدارة الاجتماع السياسي بشيء آخر غير إحياء الحقّ ومحو الباطل .
على هذا الضوء واجه الإمام عليه السلام بشدّة اُسلوب المداهنة والتلوّن في إدارة شؤون المجتمع ، فيما كانت تمثِّله السياسة الاُمويّة .
۳ ـ سيادة القانون
لقد بلغ من احترام الإمام عليه السلام للقانون أنّه لم يكن يرى لنفسه خاصّية أمام القانون . كان يؤمن أنّه ليس هناك شخص فوق القانون ، ولن يستطيع أحد ـ ولا ينبغي له ـ أن يكون مانعاً عن تنفيذ القانون الإلهي .