الفصل الخامس : الثورة على عثمان
قام عثمان بن عفّان من بين أعضاء الشورى الَّتي كان عمر بن الخطّاب قد شكّلها ، فتربّع على أريكة الحكم . وأرسى دعائم حكومته منذ البداية على قواعد مخالفة للسيرة النبويّة ۱ . وكانت ممارساته ، سواءً في تعامله مع النّاس والصحابة ، أم كانت في موقفه من أحكام الدين مَدْعاةً لاحتجاج الأمّة عليه ، فوُصِم بمعارضة السنّة النبويّة وانتهاك حُرمة الدين . وكان منقادا لبِطانةٍ سقيمة الفكر زائغة النهج قد حاقت به ، فلم تدعه يأخذ الخطر المُحْدِق به مأخذ الجدّ ، ولا يكترث بالاحتجاجات والانتقادات الموجّهة إليه .
تدلّ النصوص المذكورة في الصفحات المتقدّمة على اتّساع نطاق الشذوذ في حكومة عثمان ، كما تدلّ على زيغه عن الحقّ وإلغائه للمعايير السليمة . ويرى بعض المؤرّخين أنّ السنين الستّ الاُولى من حكومته كانت هادئة لم تطرأ فيها حادثة تُذكَر ولم يعترض عليها أحدٌ يومئذٍ ، ثمّ حدثت تبدّلات متنوّعة ۲ ، ولكن هذا الرأي لم يكن صحيحا ، إذ بدأ عثمان انحرافه منذ الأيّام الاُولى لتبلور حكومته ، بإرجاعه