الفصل الثّاني : النشأة
رافق عليّ عليه السلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله منذ السنين الاُولى من عمره ؛ فقد عسرت الحياة على أبي طالب برهة ، وضاقت به الاُمور ، فاقترح رسول اللّه صلى الله عليه و آله على إخوة أبي طالب أن يأخذوا منه بعض أولاده إلى بيوتهم ؛ لتخفيف عب ء العيش عن كاهله .
وشاءت إرادة اللّه تعالى أن يكون عليّ عليه السلام في بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فتولّى تربيته منذ نعومة أظفاره .
وكان النبيّ صلى الله عليه و آله يحبّ هذا الطفل الصغير ؛ يضمّه إلى صدره ، ويُمِسّه عَرْفَه ، ويُلقمه الطعام ، ويرعى حياته لحظة لحظة ، وينفحه بالأنوار الإلهيّة المشعّة .
وهكذا تربّى الإمام عليه السلام في حجر النبوّة ، وارتوى من منهل فضائلها الرائق ، وأمضى أيّامه ملازما لها ملازمة الظلّ لصاحبه .
وحين سطعت القبسات الاُولى للوحي صدّق بالرسالة المحمّديّة موقنا ؛ إذ كانت روحه قد تواشجت هي وروح صاحبها . من هنا كان أوّل من صدّقه صلى الله عليه و آله .
ونجد في الخطبة البليغة الرفيعة «القاصعة» أجمل تصوير لهذه الملازمة ، ولدور رسول اللّه صلى الله عليه و آله في تربيته وإعداده عليه السلام ، وحبِّه إيّاه ، واستنارةِ الإمام عليه السلام بهذه الملازمة . وهو ما تقرؤونه في سياق النصوص التي يشتمل عليها هذا الفصل .