عَمِّهِ ولَم يُرِدهُ اللّهُ فَلَم يُسلِم !
وقَد رُوِيَ مَعنى هذَا الخَبَرِ بِغَيرِ هذَا اللَّفظِ ، وهُوَ قَولُهُ : إنَّ رسَولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أرادَ أن يَذكُرَهُ لِلأَمرِ في مَرَضِهِ ، فَصَدَدتُهُ عَنهُ خَوفا مِنَ الفِتنَةِ ، وَانتِشارِ أمرِ الإِسلامِ ، فَعَلِمَ رَسولُ اللّهِ ما في نَفسي وأمسَكَ ، وأبَى اللّهُ إلّا إمضاءَ ما حَتَمَ ۱ .
۹۰۶.شرح نهج البلاغة عن ابن عبّاس :دَخَلتُ عَلى عُمَرَ في أوَّلِ خِلافَتِهِ ، وقَد اُلقِيَ لَهُ صاعٌ مِن تَمرٍ عَلى خَصَفَةٍ ۲ ، فَدَعاني إلَى الأَكلِ ، فَأَكَلتُ تَمرَةً واحِدَةً ، وأقبَلَ يَأكُلُ حَتّى أتى عَلَيهِ ، ثُمَّ شَرِبَ مِن جَرٍّ ۳ كانَ عِندَهُ ، وَاستَلقى عَلى مِرفَقَةٍ لَهُ ، وطَفِقَ يحَمَدُ اللّهَ يُكَرِّرُ ذلِكَ ، ثُمَّ قالَ : مِن أينَ جِئتَ يا عَبدَ اللّهِ ؟ قُلتُ : مِنَ المَسجِدِ . قالَ : كَيفَ خَلَّفتَ ابنَ عَمِّكَ ؟ فَظَنَنتُهُ يَعني عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ ؛ قُلتُ : خَلَّفتُهُ يَلعَبُ مَعَ أترابِهِ . قالَ : لَم أعنِ ذلِكَ ، إنَّما عَنَيتُ عَظيمَكُم أهلَ البَيتِ . قُلتُ : خَلَّفتُهُ يَمتَحُ بِالغَربِ ۴ عَلى نَخيلاتٍ مِن فُلانٍ ، وهُوَ يَقرَأُ القُرآنَ . قالَ : يا عَبدَ اللّهِ ، عَلَيكَ دِماءُ البُدنِ إن كَتَمتَنيها !هَل بَقِيَ في نَفسِهِ شَيءٌ مِن أمرِ الخِلافَةِ ؟ قُلتُ : نَعَم . قالَ : أ يَزعُمُ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله نَصَّ عَلَيهِ ؟ قُلتُ : نَعَم ، وأزيدُكَ ؛ سَأَلتُ أبي عَمّا يَدَّعيهِ فَقالَ : صَدَقَ . فَقالَ عُمَرُ : لَقَد كانَ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله في أمرِهِ ذَروٌ ۵ مِن قَولٍ لا يُثبِتُ حُجَّةً ، ولا يَقطَعُ عُذرا ، ولَقَد كانَ يَربَعُ ۶ في أمرِهِ وَقتا ما ، ولَقَد أرادَ في مَرَضِهِ أن يُصَرِّحَ بِاسمِه
1.شرح نهج البلاغة : ج۱۲ ص۷۸ .
2.الخَصَفَة : هي الجُلَّة التي يُكْنَز فيها التمر (النهاية : ج۲ ص۳۷) .
3.الجَرُّ : آنية من خَزَف ، الواحدة جَرَّةٌ (لسان العرب : ج۴ ص۱۳۱) .
4.الماتِح : المُسْتَقِي من البئر بالدَّلْو من أعلى البئر . والغَرْب : الدَّلْو العظيمة التي تُتَّخذ من جِلْد ثَوْرٍ (النهاية : ج۴ ص۲۹۱ وج۳ ص۳۴۹) .
5.الذَّرْوُ من الحديث : ما ارتَفَع إليك وتَرامَى من حَواشِيه وأطرافه ( النهاية : ج۲ ص۱۶۰ ) .
6.رَبَعَ : وَقَفَ وانتَظَرَ (النهاية : ج۲ ص۱۸۷) .