363
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل

بعد الغدير

قفل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عائداً إلى المدينة بعد أن انتهى من الحجّ وأبلغ ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام . لم يعترض على البلاغ النبوي علناً وبشكل صريح إلّا شخص واحد ، أمّا البقيّة فقد انطوت على الصمت ولم تجهر بخبيئة نفسها . تفرّق الناس في البوادي والصحاري قاصدين ديارهم ، ودخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله المدينة مع أصحابه .

محاولة لتثبيت محتوى «الغدير»

راح رسول اللّه صلى الله عليه و آله يُمضي أيّامه الأخيرة في المدينة ، وموجات السرور تطفح بالبشر على وجهه الأقدس ، وهو يشعر بالرضى وقد انتهى من أداء آخر المسؤوليّات وبلّغ آخر كلمات السماء وأخطرها . بيد أ نّه كان يعرف بعلمه الذي يستمدّه من وراء الملكوت ، ما يجري في داخل المجتمع ، وله دراية بجميع المؤامرات والمكائد والعداوات التي توشك أن تنطلق في المستقبل القريب قويّة ضارية . لذلك كلّه راح يستفيد من الفرصة المتبقّية لكي يُحكم ما كان قد بلّغه ويرسّخه أكثر فأكثر . لقد سجّل الجهد النبوي على هذا الصعيد مبادرتين عظيمتين على الأقلّ ، نشير إليهما في الفصل الآتي .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
362

فيما تلوذ الأكثريّة بالصمت خوفاً أو طمعاً ، إنّما كان من أجل أن يحولوا بين القلوب والنفوس وبين جملة أوصى بها النبيّ بحبّ عليّ ؟

كلام أهل البيت عليهم السلام في تفسير الحديث

ذكرنا مراراً أنّ الذين حضروا مشهد الغدير فهموا من قول النبيّ : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ» دلالته على الولاية والإمامة والرئاسة ، على هذا الأساس انطلقوا لتحيّة الإمام بالإمارة وتهنئته بالولاية ، على المسار ذاته تحرّك الاُدباء والشعراء ، فضمّنوا شعرهم وقصائدهم هذه الحقيقة التي فهموها وتركوها وثيقة للتاريخ ، كما يشذّ عن ذلك الفهم حتى اُولئك الضُّلّال الذي تعثّرت بهم بصيرتهم فاختاروا الضلالة على الهدى .
ما نودّ التأكيد عليه في خاتمة هذه القرائن ، أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام أعلنوا هذه الحقيقة في تفسير الحديث مرّات ومرّات .
أجل ، لم يصدر عن اُولئك الكرام ، وهُم هُم في البلاغة والعلم ، وهم «أهل البيت» ، و «أدرى بما في البيت» ؛ لم يصدر عنهم في مواضع متعدّدة قط سوى هذا التفسير .
ونختم بنصّ من هذه النصوص الوضيئة التي تتضوّع مسكاً ـ وختامه مسك ـ حيث سأل أبو إسحاق الإمام عليّ بن الحسين ، بقوله : ما مَعنى قَولِ النَّبِيِّ : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ ؟» .
قال : «أخبَرَهُم أ نَّهُ الإمامُ بَعدَهُ» ۱ .
إنّ أمثال هذه النصوص التفسيريّة كثير في ميراث أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، ولا جدال أنّ تفسيرهم مقدّم على كلّ تفسير ۲ .

1.معاني الأخبار : ص ۶۵ ح ۱ .

2.لمزيد الاطّلاع على تفسير كلمة «المولى» اُنظر ص ۵۸۸ ، راجع : مجلّة تراثنا / العدد ۲۱ ، البحث المهمّ المعنْون ؛ «الغدير وحديث العترة الطاهرة» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 21898
صفحه از 664
پرینت  ارسال به