بعد الغدير
قفل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عائداً إلى المدينة بعد أن انتهى من الحجّ وأبلغ ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام . لم يعترض على البلاغ النبوي علناً وبشكل صريح إلّا شخص واحد ، أمّا البقيّة فقد انطوت على الصمت ولم تجهر بخبيئة نفسها . تفرّق الناس في البوادي والصحاري قاصدين ديارهم ، ودخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله المدينة مع أصحابه .
محاولة لتثبيت محتوى «الغدير»
راح رسول اللّه صلى الله عليه و آله يُمضي أيّامه الأخيرة في المدينة ، وموجات السرور تطفح بالبشر على وجهه الأقدس ، وهو يشعر بالرضى وقد انتهى من أداء آخر المسؤوليّات وبلّغ آخر كلمات السماء وأخطرها . بيد أ نّه كان يعرف بعلمه الذي يستمدّه من وراء الملكوت ، ما يجري في داخل المجتمع ، وله دراية بجميع المؤامرات والمكائد والعداوات التي توشك أن تنطلق في المستقبل القريب قويّة ضارية . لذلك كلّه راح يستفيد من الفرصة المتبقّية لكي يُحكم ما كان قد بلّغه ويرسّخه أكثر فأكثر . لقد سجّل الجهد النبوي على هذا الصعيد مبادرتين عظيمتين على الأقلّ ، نشير إليهما في الفصل الآتي .