الغائِبَ» .
أمّا الآن فقد آن لنا أن ندرس ملازمات قلب هذا المعنى ؛ فلو قلنا إنّ مدلول هذا الحديث النبوي لم يكن يعني الولاية وقيادة الاُمّة في المستقبل ، فما هي اللوازم التي تترتّب على هذا النمط من التفسير ؟ هل ترى العقل يذعن للمشهد بمثل هذ التفسير ؟ ثمّ ننعطف إلى تحليل الواقعة ودراسة مكوّناتها وتأمّل الكيفيّة التي انبثق على أساسها المشهد ؛ لنخرج من حصيلة ذلك كلّه إلى أنّ الحقيقة تكمن فيما ذكرناه أثناء التحليل الاصطلاحي واللغوي لذلك الجزء من الحديث النبوي وحسب ، وليس ثَمَّ شيء أو أشياء وراء ذلك . واللّه من وراء القصد .
قرائن دلالة حديث الغدير على الخلافة
أ : القرائن العقليّة
۱ ـ الحصيلة التي تجمّعت بين أيدينا حتى الآن لا تدع ـ باعتقادنا ـ مجالاً للشكّ في أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد عيّن في ذلك المشهد المهيب قائد المستقبل ، وحدّد للاُمّة الإسلاميّة الإمام المرتقب . وما يمكن أن نضيفه الآن ، أنّ من يعتقد أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لم يكن قد صدع بالولاية في ذلك الجمع العظيم ، ولم يكن قد أعلن الخلافة عبر ذلك الخطاب الذي تفجّر حماساً وتركيزاً على هذه النقطة ، ومن ثَمّ فإنّ من يذهب إلى أنّ النبيّ قد اختار موقف الصمت إزاء مستقبل الاُمّة وغد الرسالة ، لا يسعه أن يدرك مِن الذي ذكرناه دلالته على المستقبل ، وسيكون عاجزاً عن أن يفهم منه تعييناً للإمامة التي تتبوّأ القيادة بعد النبيّ .
تماشياً مع قناعة هذا النظر ينبغي أنّ نفترض أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لم يكن قد فكّر في مستقبل الرسالة ، ولم يرسم لغد الاُمّة بعده مشروعاً محدّداً واضح المعالم