يلجأ أحياناً إلى استعمال اُناس ثابتين في العقيدة بيدَ أنّهم غير منضبطين في العمل . لكن الإمام لم يكن يغفل لحظة عن تنبيه هؤلاء وتحذيرهم المرّة تلو الاُخرى ، كما لم يُطق مطلقاً انحرافاتهم وما يصدر عنهم واضطراب سلوكهم مع الناس .
إنّ عليّاً الذي أمضى عمراً مديداً يضرب بسيفه دفاعاً عن الحقّ ؛ وعليّاً الذي اختار الصمت سنوات طويلة من أجل الحقّ «وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا »؛ عليٌّ هذا لا يُطيق المداهنة ـ وحاشاه ـ في تنفيذ الحقّ ، ولا يعرف المجاملة في إحقاقه ، ولا يتحمّل المساومة أبداً .
تتضاعف أهميّة هذا القسم من الموسوعة ، وهو حريّ بالقراءة أكثر ، ونحن نبصر ـ فيه ـ مواقف الإمام من الأصحاب والعمّال مملوءة دروساً وعبراً .
ومع القسم السادس عشر يشرف الكتاب على نهايته ، ليكون القارئ قد خرج من الموسوعة بسيل متدفّق من المعرفة ، وبفيض من التحاليل والرؤى والأفكار والأخبار ، تستحوذ عليها جميعاً شخصيّة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
خصائص الموسوعة :
انتهى للتوّ استعراض وجيز قدّمناه لأقسام «الموسوعة» الستّة عشر دون خوض لما احتوته فصولها من تفاصيل ، وما ضمّته من مداخل صغيرة كانت أم كبيرة ، وقد آن الأوان للحديث عمّا تحظى به من خصائص .
بيد أنّا نعتقد أنّ السبيل إلى معرفة خصائص الموسوعة ـ وربّما ما تحمله من مزايا ونقاط بارزة ـ يُملي علينا أن نُلقي نظرة إلى ما كُتب عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حتى الآن ، كي تتّضح من جهةٍ ضرورات التعاطي مع هذه المجموعة ، وتستبين من جهة اُخرى نقاط قوّتها وما قد تكون حقّقته من مكاسب ومعطيات على هذا الصعيد .