هديه في خطاه ، يعيش كما يعيش ، ويفكّر كما يفكّر ، ويمارس معايير عليّ في الحبّ والولاء ، وفي البغض والبراءة ، ويحثّ خطاه صوب قيَمه دائماً وأبداً ، وإلّا كيف يجتمع حبّ عليّ مع حياة سفيانيّة ونهج اُموي ؟
آخر ما يشدّ إليه الانتباه في مادّة هذا القسم هو التحذير من الغلوّ ؛ فمع كلّ هذا التركيز المكثّف العريض على حبّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وإلى جوار هذه الإشادة بالآثار العظيمة التي يُغدقها هذا الحبّ على الحياة الماديّة والمعنويّة ، جاءت التعاليم النبويّة والعلويّة والدينيّة تشدّد النكير ، وتُعلن التحذير الكبير من الغلو بهذا الحبّ . فها هي ذي النصوص الحديثيّة تنهى عن الإفراط وتذمّه ، وتعدّه انحرافاً يهيّئ الأجواء إلى انحرافات أكبر .
القسم الخامس عشر : بغض الإمام عليّ
على قدر ما تكون شخصيّة عليّ الطالعة المهيبة بالغة الروعة والجمال لذوي النفوس الزكيّة ، موحية أخّاذة لذوي الأفكار الرفيعة ، محبوبة خلاّبة لذوي الفِطَر النقيّة والطباع الكريمة ، فهي تثير الغيظ في النفوس المدلهمّة المظلمة ، وتستجيش عداوة الوصوليّين النفعيّين ، وبغضاء ذوي الأغراض الدنيئة الهابطة ، والنوازع المنحطّة .
إنّ التاريخ يجهر أنّ أعداء عليّ بن أبي طالب كانوا من حيث التكوين الروحي سقماء غير أسوياء نفسيّاً ، ومن حيث التكوين الفكري كانوا منحرفين بعيدين عن الصواب . أمّا من حيث مكوّنات الشخصيّة فقد كانوا اُناساً تستحوذ عليهم الأنانيّة والأثَرة ، يُنبئ باطنهم عن الفساد والأغراض الهابطة .
هذا رسول اللّه صلى الله عليه و آله يستشرف مستقبل الإسلام عبر مرآة الزمان ، يعلم بالفتن ويعرف مثيريها وأصحابها . وهو ذا يؤكّد في كلّ موقعٍ موقعٍ من أشواط حياته