321
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل

الحقّ واستقامة السلوك وطُهر الفطرة ، ثمّ توّج ذلك كلّه بالإعلان أنّ عليّاً هو عدل القرآن ، ومعيار الحقّ ، والميزان الذي يفرّق بين الحقّ والباطل ، وبين الضلالة والصواب ، وهو فصل الخطاب . وفي ذلك دلالة قاطعة على أنّ من ينبغي أن يكون الاُسوة والإمام ، والقائد والمنار ، والزعيم والمولى هو عليّ بن أبي طالب لا غير .
ثمّ انظروا وتأمّلوا في قوله صلى الله عليه و آله : «عَلِيٌّ مَعَ القُرآنِ ، وَالقُرآنُ مَعَ عَلِيٍّ» ، «عَلِيٌّ مَعَ الحَقِّ ، وَالحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ» ، «عَلِيٌّ عَلَى الحَقِّ ؛ مَنِ اتَّبَعَهُ اتَّبَعَ الحَقَّ ، ومَن تَرَكَهُ تَرَكَ الحَقَّ» ، «عَلِيٌّ مَعَ الحَقِّ وَالقُرآنِ ، وَالحَقُّ وَالقُرآنُ مَعَ عَلِيٍّ» .
ماذا يعني هذا ؟ يعني أنّ عليّاً ثابت لا يزيغ ، صلبٌ لا تتعثّر به خطاه ، يقف في أعلى ذرى الاستقامة والصلاح ، لا يعرف غير الحقّ والصواب . إنّ عليّاً ليحمل على جبهته الوضيئة عنواناً رفيعاً اسمه «العصمة» ، ومن ثمّ ستكون الاُمّة في أمان من نفسها ، وسلامة من دينها وهي تهتدي بهدي عليّ ، وتقتدي به اُسوة ومناراً .
لقد توفّر هذا الفصل على بيان هذه الإشارات تفصيلاً من خلال النصوص الكثيره التي رصدها ۱ .

1.راجع : ج ۱ ص ۴۹۷ (أحاديث العصمة) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
320

وحذّر الاُمّة من أن تترك اُمور دينها تقع في يوم من الأيّام بيد رجال هذه العشيرة ، أو أن تكون قيم هذا الدين ومثله العليا لعبة بأيديهم يعبثون بها كيفما شاؤوا ۱ . على الجانب الآخر من المشهد ، حرص رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ من خلال التركيز على طرح «أهل البيت» كاُناس مطهّرين ، وثلّة معصومة نقيّة من المثالب والعيوب ـ أن يسجّل للاُمّة خطّ الإمامة المعصومة ، والقيادة النزيهة للمستقبل ۲ .
وكان لآية التطهير الدور العظيم في بيان فضائل «آل اللّه » والكشف عن مناقبهم ومنزلتهم الرفيعة ، وعلى هذا الضوء يتبيّن أنّ السرّ من وراء كلّ هذه الجهود النبويّة في الكشف عن مقصود الآية وتحديد مرادها ، وكذلك ما بذله الأئمّة عليهم السلامعلى هذا الصعيد ، وأيضاً ما قام به الاُمويّون في المقابل ومفسّروا البلاط من سعي هائل لصرف الآية عن «آل اللّه » أو إشراك الآخرين معهم في هذه الفضيلة على أقلّ تقدير ، إنّما يكمن في مفهومها الرفيع ، وما تنطوي عليه من دلالة قاطعة على طهارة الإمام أمير المؤمنين وعصمته ، ومن ثَمّ عصمة أهل البيت بالضرورة . ولم تكن هذه الآية وحدها في الميدان ، فبالإضافة إلى آية التطهير والجهود النبويّة الحثيثة التي بذلها رسول اللّه صلى الله عليه و آله في إبلاغها وتطبيقها على أهل البيت عليهم السلام ، توالت إلى جوارها روايات كثيرة نعت فيها النبيّ عليّ بن أبي طالب بالصدق والطهارة والنقاء والتزام

1.لمزيد الاطّلاع على تفسير الآية وتحذير النبيّ صلى الله عليه و آله راجع : شرح نهج البلاغة : ج۹ ص۲۱۸ ، حيث نقل ابن أبي الحديد ذلك عن المفسّرين ، وقد ذكر في ج۱۵ ص۱۷۵ : أ نّه لا خلاف بين أحد في أ نّه تعالى وتبارك أراد بها بني اُميّة . وتاريخ الطبري : ج۱۰ ص۵۸ والنزاع والتخاصم : ص۷۹ وتفسير القرطبي : ج۱۰ ص۲۸۶ وفتح القدير : ج۳ ص۲۳۹ والدرّ المنثور : ج۵ ص۳۱۰ وتفسير نور الثقلين : ج۳ ص۱۷۹ وغير ذلك .

2.راجع : معالم الفتن : ج۱ ص۴۳ ـ ۱۲۱ . وقد استطاع الباحث سعيد أيّوب بذكاء يستحقّ الثناء أن يجمع الآيتين في اُفقٍ واحد ، استشرف منه تحذير الاُمّة الإسلاميّة من المستقبل ، وتوجيهها للتمييز بين خطّين ؛ خطّ العصمة والطهارة ، وخطّ الرجس والفساد ، وحثّها على التزام جانب الحذر في اختيار من يتبوّأ نظام المجتمع ، كي تأمن العواقب الوخيمة .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 22093
صفحه از 664
پرینت  ارسال به