(۳ )
أحاديث الوراثة
ألِفَ الذهن الإنساني على الدوام عناوين «الإرث» و «الميراث» و «الوراثة» ، بحيث استوعبت هذه الحقيقة الاُمور الماديّة والمعنويّة ، والناس تُظهر دهشتها ـ في العادة ـ لإنسان يسكت عن كيفيّة التصرّف بتركته من بعده ، وما يتركه الناس يتمثّل تارة بالاُمور المادّية واُخرى بالاُمور والمواريث المعنويّة .
لقد جرت سنّة الإرث ، وتواضع الطبع الإنساني في هذا المجال على وجود الوارث والمؤتمن ، من دون أن يُنكر ذلك أحد ، بل التقى الناس على امتداح هذه السنّة مهما كانت انتماءاتهم الحضاريّة والثقافيّة والفكريّة .
فتعالوا الآن لننظر ماذا فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله بميراثه العظيم ، وهو خاتم النبيّين ، وحامل آخر رسالات السماء ، ومبلّغ دين أبديّ يترامى امتداداً فوق حدود المكان والزمان . إلامَ عَهِد بأمر هذا الدين من بعده ؟ هل أوصى اللّه سبحانه رسوله الكريم أن يعهد بالأمر إلى شخص محدّد ؟
إنّ أخبار «الوراثة» ونصوصها هي جواب جليّ على هذا السؤال المهمّ ؛ فقد راح رسول اللّه صلى الله عليه و آله يُخبر تارة بأنّ اختيار الوارث هي سنّة جرى عليها جميع النبيّين قبله ، ومن ثَمّ يتحتّم عليه بوصفه خاتم المرسلين والحلقة الأخيرة في نبوّات السماء ، أن يختار وارثه ، كما تحدّث اُخرى وبصراحة على أنّ وراثته تكمن بالإمامة والعلم .
وهذا الموقع هو ما أكّد عليه الصحابة أيضاً منذ ذلك العصر ؛ حيث صاروا يُظهرون كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتصريحه بهذه الحقيقة في مناسبات ومواضع ومناسبات مختلفة ، كما كانوا أحياناً يُشيرون في كلامهم إلى عليّ بن أبي طالب بموقع الوراثة