الفرضيّة الثالثة : تحديد المستقبل والنصّ على الخلافة
هي أن نؤمن بأن رسول اللّه اتّخذ موقفاً إيجابيّاً من مستقبل الرسالة ، وعاش قضيّة هذا المستقبل بمسؤوليّة كبيرة ، بحيث اختار من يخلفه في القيمومة على الرسالة وخلافة الاُمّة . وما واقعة الغدير وما جرى فيها ، ونصوص تلك الخطبة العصماء التي ألقاها بها النبيّ على جموع المسلمين ، إلّا تصريحاً وتأكيداً لما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد أعلنه قبل ذلك مرّات من ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام وإمامة هذا المجاهد العظيم ۱ .
لقد اختاره النبيّ منذ أيّام حياته الاُولى ، فنشأ في كنف رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وتربّى في حجره وتحت رعايته دون أن يدنّس الشركُ لحظةً من حياته الطاهرة . على أ نّه ليس أدلّ على هذه النشأة النظيفة من كلام عليّ عليه السلام نفسه ، وهو يقول :
«وقَد عَلِمتُم مَوضِعي مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِالقَرابَةِ القَريبَةِ ، وَالمَنزِلَةِ الخَصِيصَةِ . وَضَعَني في حِجرِهِ وأنَا وَلَدٌ ، يَضُمُّني إلى صَدرِهِ ، ويَكنُفُني في فِراشِهِ ، ويُمِسُّني جَسَدَهُ ، ويُشِمُّني عَرفَهُ . وكانَ يَمضَغُ الشَّيءَ ثُمَّ يُلقِمُنيهِ ، وما وَجَدَ لي كَذبَةً في قَولٍ ، ولا خَطلَةً في فَعلٍ ، ولَقَد قَرَنَ اللّهُ بِهِ صلى الله عليه و آله مِن لَدُن أن كَان فَطيماً أعظَمَ مَلَكٍ مِن