ذكره ابن كثير ونسبه إلى العلماء عند البحث عن آيات براءة .
ثمّ لو كانت سنّة عربيّة جاهليّة على هذا النعت فما وزنها في الإسلام ! ! وما هي قيمتها عند النبيّ صلى الله عليه و آله وقد كان ينسخ كلّ يوم سنّة جاهليّة ، وينقض كلّ حين عادة قوميّة ، ولم تكن من جملة الأخلاق الكريمة أو السنن والعادات النافعة ، بل سليقة قبائليّة تشبه سلائق الأشراف ! ! وقد قال صلى الله عليه و آله يوم فتح مكّة عند الكعبة ـ على ما رواه أصحاب السير : «ألَا كُلُّ مَأثَرَةٍ أو دَمٍ أو مَالٍ يُدَّعى فَهُوَ تَحتَ قَدَمَيّ هاتَينِ ، إلّا سِدانَةَ البَيتِ ، وسِقايَةَ الحاجِّ» .
ثمّ لو كانت سنّة عربيّة غير مذمومة ، فهل كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله ذهل عنها ونسيها حين أسلم الآيات إلى أبي بكر وأرسله ، وخرج هو إلى مكّة حتى إذا كان في بعض الطريق ذكر صلى الله عليه و آله ما نسيه أو ذكّره بعض من عنده بما أهمله وذهل عنه من أمرٍ كان من الواجب مراعاته ، وهو صلى الله عليه و آله المثل الأعلى في مكارم الأخلاق واعتبار ما يجب أن يعتبر من الحزم وحسن التدبير ؟ ! وكيف جاز لهؤلاء المذكّرين أن يغفلوا عن ذلك وليس من الاُمور التي يُغفل عنها وتخفى عادة ، فإنّما الذهول عنه كغفلة المقاتل عن سلاحه .
وهل كان ذلك بوحي من اللّه إليه ؛ أنّه يجب له أن لا يلغي هذه السنّة العربيّة الكريمة ، وأنّ ذلك أحد الأحكام الشرعيّة في الباب ، وأنّه يحرم على وليّ أمر المسلمين أن ينقض عهدا إلّا بنفسه أو بيد أحد من أهل بيته ؟ وما معنى هذا الحكم ؟أو أنّه حكم أخلاقي أضطرّ إلى اعتباره ؛ لما أنّ المشركين ما كانوا يقبلون هذا النقض إلّا بأن يسمعوه من النبيّ صلى الله عليه و آله نفسه ، أو من أحد من أهل بيته ؟ ! وقد كانت السيطرة يومئذٍ له صلى الله عليه و آله عليهم ، والزمام بيده دونه ، والإبلاغ إبلاغ .