آخر ؛ فإنّ غزوة تبوك كانت الغزوة الوحيدة التي لم يشهدها أمير المؤمنين عليه السلام بقرار النبيّ صلى الله عليه و آله ، ولما طرأ من أحداث في المدينة ۱ . فأرجفوا أنّ عليّا تخلّى عن الحرب وخذل النبيّ ولم يرافقه مع رغبة النبيّ في حضوره معه . فما كان من الإمام عليه السلام إلّا أن هرع إليه صلى الله عليه و آله قبل مغادرته ، وأخبره بأراجيفهم ، فنطق النبيّ صلى الله عليه و آله عندئذٍ كلمته الخالدة العظيمة في حقّه : «أما تَرضى أن تَكونَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي» ۲ .
وهكذا اُحبطت هذه المؤامرة في مهدها ، وسجّل التاريخ لعليٍّ عليه السلام أسطع المناقب أمام أنظار الناس .
۲۳۸.الطبقات الكبرى عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم :لَمّا كانَ عِندَ غَزوَةِ جَيشِ العُسرَةِ وهِيَ تَبوكُ ، قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ : إنَّهُ لابُدَّ مِن أن اُقيمَ أو تُقيمَ ، فَخَلَّفَهُ ، فَلَمّا فَصَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله غازِيا قالَ ناسٌ : ما خَلَّفَ عَلِيّا إلّا لِشَيءٍ كَرِهَهُ مَنهُ .
فَبَلَغَ ذلِكَ عَلِيّا ، فَاتَّبَعَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَتَّى انتَهى إلَيهِ ، فَقالَ لَهُ : ما جاءَ بِكَ يا عَلِيُّ ؟ ! قالَ : لا يا رَسولَ اللّهِ إلّا أنّي سَمِعتُ ناسا يَزعُمونَ أنَّكَ إنَّما خَلَّفتَني لِشَيٍء كَرِهتَهُ مِنّي ! ! فَتَضاحَكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وقالَ : يا عَلِيُّ ، أما تَرضى أن تَكونَ مِنّي كَهارونَ مِن موسى غَيرَ أنَّكَ لَستَ بِنَبِيٍّ ؟ ! قالَ : بَلى يا رَسولَ اللّهِ ، قالَ : فَإِنَّهُ كَذلِكَ ۳ .
۲۳۹.تاريخ الطبري عن ابن إسحاقـ في خُروجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إلى غَزوَةِ تَبوكَ ـ: خَلَّف
1.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۳ ، اُسد الغابة : ج۴ ص۹۲ الرقم ۳۷۸۹ .
2.خصائص أميرالمؤمنين للنسائي : ص۱۰۷ ح۴۵ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج۸ ص۵۶۲ ح۴ ، تاريخ الطبري : ج۳ ص۱۰۴ ، أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۴۸ ، الاستيعاب : ج۳ ص۲۰۱ ح۱۸۷۵ .
3.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۴ ، أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۴۹ ، المعجم الكبير : ج۵ ص۲۰۳ ح۵۰۹۴ نحوه وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص۱۰۶ ح۴۵ .