241
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل

رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عَلى أهلِهِ ، وأمَرَهُ بِالإِقامَةِ فيهِم ، وَاستَخلَفَ عَلَى المَدينَةِ سِباعَ بنَ عُرفُطَةَ أخا بَني غِفارٍ ، فَأَرجَفَ المُنافِقونَ بِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، وقالوا : ما خَلَّفَهُ إلَا استِثقالاً لَهُ ، وتَخَفُّفا مِنهُ .
فَلَمّا قالَ ذلِكَ المُنافِقونَ أخَذَ عَلِيٌّ سِلاحَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ حَتّى أتى رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وهُوَ بِالجُرفِ ، فَقالَ : يا نَبِيَّ اللّهِ ، زَعَمَ المُنافِقونَ أنَّكَ إنَّما خَلَّفتَني أنَّكَ استَثقَلتَني وتَخَفَّفتَ مِنّي ! فقالَ : كَذَبوا ، ولكِنّي إنَّما خَلَّفتُكَ لِما وَرائي ، فَارجَع فَاخلُفني في أهلي وأهلِكَ ، أفَلا تَرضى يا عَلِيُّ أن تَكونَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى ، إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي ؟ ! فَرَجَعَ عَلِيٌّ إلَى المَدينَةِ ، ومَضى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلى سَفَرِهِ ۱ .

۲۴۰.الإرشادـ في غَزوَةِ تَبوكَ ـ: أوحَى اللّهُ تَبارَكَ وتَعالَى اسمُهُ إلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله أن يَسيرَ إلَيها بِنَفسِهِ ، ويَستَنفِرَ النّاسَ لِلخُروجِ مَعَهُ ، وأعلَمَهُ أنَّهُ لا يَحتاجُ فيها إلى حَربٍ ، ولا يُمنى بِقِتالِ عَدُوٍّ ، وأنَّ الاُمورَ تَنقادُ لَهُ بِغَيرِ سَيفٍ ، وتَعَبَّدَهُ بِامتِحانِ أصحابِهِ بِالخُروجِ مَعَهُ وَاختِبارِهِم ، لِيَتَمَيَّزوا بِذلِكَ وتَظهَرَ سَرائِرُهُم .
فَاستَنفَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله إلى بِلادِ الرّومِ ، وقَد أينَعَت ثِمارُهُم ، وَاشتَدَّ القَيظُ عَلَيهِم ، فَأَبطَأَ أكثَرُهُم عَن طاعَتِهِ ؛ رَغبَةً فِي العاجِلِ ، وحِرصا عَلَى المَعيشَةِ وإصلاحِها ، وخَوفا مِن شِدَّةِ القَيظِ ، وبُعدِ المَسافَةِ ، ولِقاءِ العَدُوِّ . ثُمَّ نَهَضَ بَعضُهُم عَلَى استِثقالٍ لِلنُّهوضِ ، وتَخَلَّفَ آخَرونَ .
ولَمّا أرادَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله الخُروجَ استَخلَفَ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام في أهلِهِ ووُلدِهِ وأزواجِهِ ومُهاجَرِهِ ، وقالَ لَهُ : «يا عَلِيُّ ، إنَّ المَدينَةَ لا تَصلُحُ إلّا بي أو بِكَ» ؛ وذلِك

1.تاريخ الطبري : ج۳ ص۱۰۳ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ج۴ ص۱۶۳ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۲ ص۶۳۱ ، الكامل في التاريخ : ج۱ ص۶۳۶ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
240

آخر ؛ فإنّ غزوة تبوك كانت الغزوة الوحيدة التي لم يشهدها أمير المؤمنين عليه السلام بقرار النبيّ صلى الله عليه و آله ، ولما طرأ من أحداث في المدينة ۱ . فأرجفوا أنّ عليّا تخلّى عن الحرب وخذل النبيّ ولم يرافقه مع رغبة النبيّ في حضوره معه . فما كان من الإمام عليه السلام إلّا أن هرع إليه صلى الله عليه و آله قبل مغادرته ، وأخبره بأراجيفهم ، فنطق النبيّ صلى الله عليه و آله عندئذٍ كلمته الخالدة العظيمة في حقّه : «أما تَرضى أن تَكونَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي» ۲ .
وهكذا اُحبطت هذه المؤامرة في مهدها ، وسجّل التاريخ لعليٍّ عليه السلام أسطع المناقب أمام أنظار الناس .

۲۳۸.الطبقات الكبرى عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم :لَمّا كانَ عِندَ غَزوَةِ جَيشِ العُسرَةِ وهِيَ تَبوكُ ، قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ : إنَّهُ لابُدَّ مِن أن اُقيمَ أو تُقيمَ ، فَخَلَّفَهُ ، فَلَمّا فَصَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله غازِيا قالَ ناسٌ : ما خَلَّفَ عَلِيّا إلّا لِشَيءٍ كَرِهَهُ مَنهُ .
فَبَلَغَ ذلِكَ عَلِيّا ، فَاتَّبَعَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله حَتَّى انتَهى إلَيهِ ، فَقالَ لَهُ : ما جاءَ بِكَ يا عَلِيُّ ؟ ! قالَ : لا يا رَسولَ اللّهِ إلّا أنّي سَمِعتُ ناسا يَزعُمونَ أنَّكَ إنَّما خَلَّفتَني لِشَيٍء كَرِهتَهُ مِنّي ! ! فَتَضاحَكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وقالَ : يا عَلِيُّ ، أما تَرضى أن تَكونَ مِنّي كَهارونَ مِن موسى غَيرَ أنَّكَ لَستَ بِنَبِيٍّ ؟ ! قالَ : بَلى يا رَسولَ اللّهِ ، قالَ : فَإِنَّهُ كَذلِكَ ۳ .

۲۳۹.تاريخ الطبري عن ابن إسحاقـ في خُروجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إلى غَزوَةِ تَبوكَ ـ: خَلَّف

1.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۳ ، اُسد الغابة : ج۴ ص۹۲ الرقم ۳۷۸۹ .

2.خصائص أميرالمؤمنين للنسائي : ص۱۰۷ ح۴۵ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج۸ ص۵۶۲ ح۴ ، تاريخ الطبري : ج۳ ص۱۰۴ ، أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۴۸ ، الاستيعاب : ج۳ ص۲۰۱ ح۱۸۷۵ .

3.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۴ ، أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۴۹ ، المعجم الكبير : ج۵ ص۲۰۳ ح۵۰۹۴ نحوه وراجع خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ص۱۰۶ ح۴۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 22144
صفحه از 664
پرینت  ارسال به