161
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل

مكروه ؛ وكان طمأنينته بوعد الرسول صلى الله عليه و آله ۱ .
ولنا عليهما :
۱ ـ إنّ الآية الكريمة : «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى . . .» كما ذكرنا مصادرها الكثيرة في تضاعيف كتابنا نزلت في عليّ عليه السلام ۲ ، لتدلّ على عظمة هذه الحادثة ، وهذا ما لا يدع مجالاً للشكّ والترديد . وهكذا أطلق اللّه تعالى على عمل الإمام عليه السلام تعبير «شراء النفس» ، ودعا الملائكة لملاحظة هذا الإيثار الرائع ، بَيْد أنّ الجاحظ ، وابن تيميّة اجتهدا في مقابل النصّ ، ولم يعدّا ذلك «شراء نفسٍ» ، وأنكرا كونه فضيلةً ، بذريعةٍ واهية تتلخّص في أنّه عليه السلام كان يعلم أنّه لا يصل إليه مكروه .
۲ ـ إنّ الكلام الذي تشبّث به هذان الشخصان وهو قوله : «إنّهم لن يصلوا إليك بشيء تكرهه» لم يرد في معظم المصادر التاريخيّة المهمّة التي يشار إليها بالبنان ، كما لم يرد في المصادر الشيعيّة . وسنذكر أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال له هذا القول بعد المبيت ، وبعدما أوصاه بأداء الأمانات في الغار . وهكذا يستقيم كلام الإسكافي المعتزلي ويصمد شامخاً ، إذ قال في نقد كلام الجاحظ :
«هذا هو الكذب الصراح ، والتحريف والإدخال في الرواية ما ليس منها . . .» ۳ .
۳ ـ ذكرنا سابقاً أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال هذا الكلام وأمر عليّاً عليه السلام بأداء الأمانات في إحدى ليالي إقامته في الغار ، بعد حادثة المبيت ، ونقل الشيخ الطوسي رضوان اللّه عليه هذا القسم من الحادثة بالشكل الآتي :
فأمر صلى الله عليه و آله عليّا عليه السلام ، فأقبضه الثمن ، ثمّ أوصاه بحفظ ذمّته وأداء أمانته . . . وقال :

1.منهاج السنّة : ج ۷ ص ۱۱۶ .

2.راجع : ج۴ ص۳۸۲ (الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه ) .

3.شرح نهج البلاغة : ج ۱۳ ص ۲۶۳ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
160

ذكرنا مراراً عند نقلنا للأحاديث المرتبطة بالفضائل العلويّة أنّ إنكار فضائل الإمام عليه السلام والسعي لمحوها من صفحات التاريخ وأذهان الناس ـ لبواعث مختلفة وأسباب متنوّعة ـ دأب أعداء الحقّ على مرّ التاريخ . وقد كان عمرو بن بحر الجاحظ (م ۲۵۵ ه ) ممّن عزف على وتر هذه النغمة اللاموزونة ـ بشأن هذه الفضيلة العظيمة ـ وحاول أن يُنكر فضيلة المبيت على فراش النبيّ صلى الله عليه و آله ، ويسعى إلى تقليل وهجها الباهر المتألّق بزعمه وظنّه الباطل ؛ فقد قال في رسالته الصغيرة المسمّاة بالعثمانيّة :
لم يكن له في ذلك كبير طاعةٍ ؛ لأنّ الناقلين نقلوا أنّه صلى الله عليه و آله قال له : «نَم ؛ فلن يخلص إليك شيء تكرهه» ۱ .
و منهم ابن تيميّة الذي لم يألُ جهداً ، ولم يدّخر وسعاً في تقليل شأن فضائل الإمام عليه السلام وآل اللّه ، فعطف على ما سبق قوله :
وأيضا فإنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد قال : «اِتّشِحْ بِبُردي هذا الأخضَرِ ، فَنَم فيهِ ؛ فإنَّهُ لَن يَخلُص إلَيكَ مِنهُم رَجُلٌ بِشَيءٍ تَكرَهَهُ» فوعده ـ وهو الصادق ـ أنّه لا يخلص إليه

1.شرح نهج البلاغة : ج ۱۳ ص ۲۶۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 21930
صفحه از 664
پرینت  ارسال به