أم أ نّه استند إلى حقيقة تنصّ صراحة أنّ خلفاءه اثنا عشر خليفة ، وأنّ هؤلاء هم الذين ينبغي أن يكونوا خلفاء ، ليس من ورائهم أحد حتى آخر الدهر ؟
لايبدو أنّ هناك شكّ في أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان بصدد إعلان الخليفة ، وتحديد من يتبوّأ مكانه ويمارس الحاكميّة على الاُمّة كما يمارسها هو ، ويواصل نهج النبيّ في الخلافة .
بيد أنّ البعض سعى إلى اصطناع مصاديق لهذا الكلام الإلهي الذي نطق به الرسول صلى الله عليه و آله تتطابق ورغباته ۱ ، فذهب إلى أنّ المراد من الاثنيعشر هم الخلفاء الأربعة ، ومعاوية وولده يزيد وهكذا ! ۲
وعلى طبق هذا التفسير يكون النبيّ صلى الله عليه و آله قد نصب هؤلاء خلفاء له ، وأهاب بالاُمّة اتّباعهم وإطاعتهم والتسليم إليهم ! أي طاعة يزيد وعبد الملك بن مروان وأضرابهم ، «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَ هِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَا كَذِبًا» ! ۳
كيف يمكن تصوّر رسول الكرامة والإنسانيّة ، ومبعوث الحريّة والقيم العليا ، وهو يختار لخلافته الظلمة والفسّاق ، ويحثّ الاُمّة على طاعة المجرمين والفاسدين ؟ ! ۴
لا جدال أنّ من يُذعن لأصل الرواية ـ ولا مفرّ من ذلك ـ يتحتّم عليه التسليم لتفسير الشيعة الذي يذهب إلى أنّ هؤلاء الخلفاء هم عليّ وآل عليّ عليهم السلام ، كما ذكرت ذلك بعض الروايات عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأتت على أسمائهم صراحة ، حيث يمكن
1.راجع : الإمامة وأهل البيت : ج۲ ص۵۴ ، حيث توفّر على ذكر هذه المصاديق .
2.راجع : شرح العقيدة الطحاويّة : ج۲ ص۷۳۶ والإمامة وأهل البيت : ج۲ ص۵۶ .
3.الكهف : ۵ .
4.راجع : الإمامة وأهل البيت : ج۲ ص۵۶ ـ ۷۶ . والكتاب من تأليف الباحث المصري واُستاذ جامعة الإسكندريّة الدكتور محمّد بيّومي مهران من كبار كتّاب أهل السنّة ، حيث استعرض ما اقترفه معاوية ويزيد وعبد الملك من فظائع من خلال الوثائق والنصوص التاريخيّة ، ثمّ عاد يطرح على القرّاء السؤال التالي : مع هذا كلّه ، هل يقال إنّ هؤلاء خلفاء النبيّ ؟ !