وتوشك أن تعصف بكيانه ، وهي :
أ : الفراغ القيادي
لم يكن قد مرّ وقت طويل على تأسيس الأبعاد الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة للمجتمع الذي أسّسه النبيّ صلى الله عليه و آله ، ومن ثَمّ كان النبيّ القائد يمسك بنفسه أزمّة الثقافة والسياسة والقضاء في هذا المجتمع .
على صعيد آخر حالت الحروب المتوالية وأجواء المواجهة الدائمة ، دون أن يتمكّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله من تعميم ثقافة الرسالة ، ونفوذ معاييرها في واقع ذلك المجتمع ، وعلى مستوى جميع الأبعاد ؛ فما أكثر من حمل عنوان الصحبة وهو لم يتوفّر بعدُ على تصوّر عميق ودقيق لمبادئ الدين ، ولم ينطوِ على معرفة وافية بشخصيّة النبيّ وأبعاد الرسالة .
إنّ مجتمعاً كهذا حريّ به أن يواجه الزلزال ، ويُصبح على شفا أزمة عاصفة في اللحظة التي يختفي بها القائد ، وتحيطه أجواء محمومة يكتنفها الاضطراب من كلّ جانب ، مجتمع كهذا حريّ به أن يفقد قدرته على اتّخاذ القرار الصائب ، ولا يلبث أن يقع في الشباك المترصّدة ، ومن ثَمّ يصير طعمة سائغة لألاعيب الساسة وأحابيلهم .
فيا ترى ، هل يمكن مع هذا الواقع المتردّي ـ الذي سجّل له التاريخ أمثلة عمليّة كثيرة ـ أن نتصوّر الرسول القائد صلى الله عليه و آله يختار السلبيّة ، ويترك مثل هذا المجتمع للمجهول ، ويدع تحديد مصيره إليه ، دون أن يحمل همّ المستقبل !
ب : عدم نضج المجتمع
ركّزنا في نهاية النقطة السابقة على أنّ ورثة هذه الرسالة التغييريّة الشاملة لا