الفرضيّة الاُولى : السكوت إزاء المستقبل
تواجه هذه الفرضيّة فيضاً من الأسئلة ، منها : ما الذي دعا النبيّ صلى الله عليه و آله إلى عدم التفكير بمشروع محدّد لمستقبل الدعوة ؟ وما الذي أملى عليه السكوت عن مستقبل الاُمّة ؟ ثمّ ما هي طبيعة الفكر الذي يمكن أن ينبثق منه موقف مثل هذا ، ويُفرِز لدى القائد مثل هذه السلبيّة ؟
يمكن تأسيس هذه السلبيّة وتفسيرها كموقف نبوي مفترض ، على ضوء فرضيّتين مسبقتين يستوطنان ذهن القائد ويستحوذان عليه . والآن لنستعرض المسبقتين الذهنيّتين المفترضتين ، كي نتبيّن قدر منطقيّتهما ، ومدى انسجامهما مع المعايير العقلانيّة :
۱ ـ الإحساس بالأمن وانتفاء الخطر
بمعنى أنّ القائد لا يشعر بوجود أيّ خطر يدهم الاُمّة ، وانتفاء أيّ تيّار يكون بمقدوره أن يُزلزل إيمان الناس ويؤثّر على قناعاتها ، ومن ثَمّ فإنّ هذه الاُمّة التي توشك أن ترث الرسالة الإسلاميّة ، ستنجح في إيجاد مشروع لإدارة المجتمع ، وضمان ديمومة الرسالة .
والسؤال : هل يصحّ مثل هذا التصوّر ؟
إنّ الوقائع الحقيقيّة لمجتمع الصدر الأوّل تُسفر بوضوح عن عدم صواب هذا التصوّر ، وأنّ هناك أخطاراً جذريّة جادّة كانت تتهدّد المجتمع الإسلامي آنئذٍ ،