257
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل

ولا لمن دونه صنعٌ فيه ، ولا تأثير فيه ممّا له من الولاية العامّة على اُمور المجتمع الإسلامي بإطلاق أو تقييد أو إمضاء أو نسخ أو غير ذلك ، ولا تحكم عليه سنّة قوميّة أو عادة جارية حتى توجب تطبيقه على ما يوافقها ، أو قيام العصبة مقام الإنسان فيما يهمّه من أمر .
والخلط بين البابين يوجب نزول المعارف الإلهيّة من أوج علوّها وكرامتها إلى حضيض الأفكار الاجتماعيّة التي لا حكومة فيها إلّا للرسوم والعادات والاصطلاحات ، فيعود الإنسان يفسّر حقائق المعارف بما يسعه الأفكار العامّيّة ، ويستعظم ما استعظمه المجتمع دون ما عظّمه اللّه ، ويستصغر ما استصغره الناس ، حتى يقول القائل في معنى كلمة الوحي : إنّه عادة عربيّة محترمة ! ۱

۱۲ / ۵

البَعثُ إلَى اليَمَنِ

لمّا فتح رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكّة ، وانتصر على القبائل المستقرّة حولها في غزوة حنين ، أراد توسيع نطاق دعوته ؛ فأرسل إلى اليمن معاذ بن جبل ، وهناك استعصت مسائل على معاذ فرجع ، وبعث بعده خالد بن الوليد ، فلم يحقّق نجاحاً ، وأخفق في مهمّته بعد ستّة أشهر من المكوث في اليمن . فانتدب عليّاً عليه السلام ، فوجّهه إليها مع كتاب . ولمّا وصل قرأه على أهلها ببيان بليغ وكلام مؤثِّر ، ودعاهم إلى التوحيد ، فأسلمت قبيلة «همدان» . وأخبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله بذلك ، فسرَّ ودعا لهم ۲ .
ونقلت أخبار اُخرى أنّ الإمام عليه السلام اصطدم بقبيلة «مذحج» وهزمهم ، ثمّ دعاهم

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۹ ص ۱۶۸ ـ ۱۷۴ .

2.تاريخ الطبري : ج۳ ص۱۳۱ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۲ ص۶۹۰ ، الكامل في التاريخ : ج۱ ص۶۵۱ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
256

أو أنّ المؤمنين المخاطبين بقوله : «عَـهَدتُّم» ۱ ، وقوله : «وَأَذَ نٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ» ۲ ، وقوله : «فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ» ۳ ما كانوا يعتبرون هذا النقض نقضا دون أن يسمعوه منه صلى الله عليه و آله ، أو من واحد من أهل بيته ، وإن علموا بالنقض إذا سمعوا الآيات من أبي بكر ؟ . . . .
ليس التوغّل في مسألة الإمارة ممّا يهمّنا في تفهّم معنى قوله : «لا يُؤَدّي عَنكَ إلّا أنتَ أو رَجُلٌ مِنكَ» ؛ فإمارة الحاجّ سواء صحّت لأبي بكر أو لعليّ ، دلّت على فضلٍ أو لم تدلّ ، إنّما هي من شعب الولاية الإسلاميّة العامّة التي شأنها التصرّف في اُمور المجتمع الإسلامي الحيويّة ، وإجراء الأحكام والشرائع الدينيّة ، ولا حكومة لها على المعارف الإلهيّة ، ومواد الوحي النازلة من السماء في أمر الدين .
إنّما هي ولاية رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ ينصب يوما أبا بكر أو عليّا لإمارة الحاجّ ، ويؤمّر يوما اُسامة على أبي بكر وعامّة الصحابة في جيشه ، ويولّي يوما ابن اُمّ مكتوم على المدينة وفيها من هو أفضل منه ، ويولّي هذا مكّة بعد فتحها ، وذاك اليمن ، وذلك أمر الصدقات . وقد استعمل صلى الله عليه و آله أبا دجانة الساعدي أو سباع بن عرفطة الغفاري ـ على ما في سيرة ابن هشام ـ على المدينة عام حجّة الوداع ، وفيها أبو بكر لم يخرج إلى الحجّ على ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم وإنّما تدلّ على إذعانه صلى الله عليه و آله بصلاحيّة من نصبه لأمرٍ لتصدّيه وإدارة رحاه .
وأمّا الوحي السماوي بما يشتمل عليه من المعارف والشرائع فليس للنبي صلى الله عليه و آله

1.التوبة : ۱ .

2.التوبة : ۳ .

3.التوبة : ۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ریشهری، با همکاری: سیّد محمّدکاظم طباطبایی
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 22097
صفحه از 664
پرینت  ارسال به