۷۳۹.الشيخ المفيد قدس سره في مسارّ الشيعة :في لَيلَةِ إحدى وعِشرينَ مِنهُ كانَ الإِسراءُ بِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وفيها رَفَعَ اللّهُ عيسَى بنَ مَريَمَ عليهماالسلام ، وفيها قُبِضُ موسَى بنُ عِمرانَ عليه السلام ، وفي مِثلِها قُبِضُ وَصِيُّهُ يوشَعُ بنُ نونٍ عليه السلام ، وفيها كانَت وَفاةُ أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام سَنَةَ أربَعينَ مِنَ الهِجرَةِ ولَهُ يَومَئِذٍ ثَلاثٌ وسِتّونَ سَنَةً .
وهِيَ اللَّيلَةُ الَّتي يَتَجَدَّدُ فيها أحزانُ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام وأشياعِهِم ، وَالغُسلُ فيها كَالَّذي ذَكَرتُهُ ، وصَلاةُ مِئَةِ رَكعَةٍ كَصَلاةِ لَيلَةِ تِسعَ عَشرَةَ حَسَبَ ما قَدَّمناهُ .
وَالإِكثارُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام ، وَالاِجتِهادُ فِي الدُّعاءِ عَلى ظالِمِيهِم ، ومُواصَلَةُ اللَّعنَةِ عَلى قاتِلي أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام ، ومَن طَرَّقَ عَلى ذلِكَ وسَبَّبَهُ ، وآثَرَهُ ورَضِيَهُ مِن سائِرِ النّاسِ . ۱
وانظر : ص ۷۷۴ (أيّ ليلة هي / في العشر الأواخر) . ص ۷۷۸ (ليلة ثلاث وعشرين و إحدى و عشرين) . ص ۷۸۸ (دور ثلاث ليال في التقدير) . ص ۷۹۲ (سترها نظراً لكم) . ص ۵۹۰ (الأعمال المختصّة بالعشر الأواخر) .
ج ـ تأكيدُ الصَّلاةِ وَالدُّعاءِ فيها وفي يَومِها
۷۴۰.الإقبال عن حمّاد بن عثمان :دَخَلتُ عَلى أبي عَبدِاللّهِ عليه السلام لَيلَةَ إحدى وعِشرينَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ، فَقالَ لي : «يا حَمّادُ ، اغتَسَلتَ؟»
قُلتُ : نَعَم ، جُعِلتُ فِداكَ ! فَدَعا بِحَصيرٍ ، ثُمَّ قالَ : «إلى لِزقي فَصَلِّ» . فَلَم يَزَل يُصَلِّي وأنَا اُصَلّي إلى لِزقِهِ حَتّى فَرَغنا مِن جَميعِ صَلاتِنا ، ثُمَّ أخَذَ يَدعو وأنَا اُؤَمِّنُ عَلى دُعائِهِ إلى أنِ اعتَرَضَ الفَجرُ ، فَأَذَّنَ وأقامَ ودَعا بَعضَ غِلمانِهِ ، فَقُمنا خَلفَهُ فَتَقَدَّمَ وصَلّى بِنا الغَداةَ ، فَقَرَأَ : بِـ «فاتِحَةِ الكِتابِ» ، و «إِنَّـآ أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» فِي الاُولى ، وفِي الرَّكعَةِ الثّانِيَةِ بِـ «فاتِحَةِ الكِتابِ» ، و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » .
فَلَمّا فَرَغنا مِنَ التَّسبيحِ وَالتَّحميدِ وَالتَّقديسِ وَالثَّناءِ عَلَى اللّهِ تَعالى ، وَالصَّلاةِ عَلى رَسولِهِ صلى الله عليه و آله وَالدُّعاءِ لِجَميعِ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَالمُسلِمينَ ، وَالمُسلِماتِ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، خَرَّ ساجِداً لا أسمَعُ مِنهُ إلاَّ النَّفَسَ ساعَةً طَويلَةً ، ثُمَّ سَمِعتُهُ يَقولُ :
لا إلهَ إلاّ أنتَ مُقَلِّبُ القُلوبِ وَالأَبصارِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ خالِقُ الخَلقِ بِلا حاجَةٍ فيكَ إلَيهِم ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُبدِئُ الخَلقِ لا يَنقُصُ مِن مُلكِكَ شَيءٌ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ باعِثُ مَن فِي القُبورِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُدَبِّرُ الاُمورِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ دَيّانُ الدِّينِ ، وجَبّارُ الجَبابِرَةِ .
لا إلهَ إلاّ أنتَ مُجرِي الماءِ فِي الصَّخرَةِ الصَّمّاءِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُجرِي الماءِ فِي النَّباتِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُكَوِّنُ طَعمِ الثِّمارِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُحصي عَدَدِ القَطرِ وما تَحمِلُهُ السَّحابُ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُحصي عَدَدِ ما تَجري بِهِ الرِّياحُ فِي الهواءِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُحصي ما فِي البِحارِ مِن رَطبٍ ويابِسٍ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ مُحصي ما يَدِبُّ في ظُلُماتِ البِحارِ وفي أطباقِ الثَّرى .
أسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذي سَمَّيتَ بِهِ نَفسَكَ أوِ استَأثَرتَ بِهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ ، وأسأَلُكَ بِكُلِّ اسمٍ سَمّاكَ بِهِ أحَدٌ مِن خَلقِكَ مِن نَبِيٍّ ، أو صِدّيقٍ ، أو شَهيدٍ ، أو أحَدٍ مِن مَلائِكَتِكَ ، وأسأَلُكَ بِاسمِكَ الَّذي إذا دُعيتَ بِهِ أجَبتَ وإذا سُئِلتَ بِهِ أعطَيتَ .
وأسأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وأهلِ بَيتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيهِم وبَرَكاتُكَ ، وبِحَقِّهِمُ الَّذي أوجَبتَهُ عَلى نَفسِكَ وأنَلتَهُم بِهِ فَضلَكَ ، أن تُصَلِّيَ علَى مُحَمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ الدّاعي إلَيكَ بِإِذنِكَ وسِراجِكَ السّاطِعِ بَينَ عِبادِكَ في أرضِكَ وسَمائِكَ ، وجَعَلتَهُ رَحمَةً لِلعالَمينَ ونوراً اِستَضاءَ بِهِ المُؤمِنونَ ، فَبَشَّرَنا بِجَزيلِ ثَوابِكَ وأنذَرَنَا الأَليمَ مِن عَذابِكَ .
أشهَدُ أ نَّهُ قَد جاءَ بِالحَقِّ مِن عِندِ الحَقِّ وصَدَّقَ المُرسَلينَ ، وأشهَدُ أنَّ الَّذينَ كَذَّبوهُ ذائِقُوالعَذابِ الأَليمِ .
أسأَلُكَ يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ ، يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ ، يا سَيِّدي يا سَيِّدي يا سَيِّدي ، يا مَولايَ يا مَولايَ يا مَولايَ ، أسأَلُكَ في هذِهِ الغَداةِ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأن تَجعَلَني مِن أوفَرِ عِبادِكَ وسائِليكَ نَصيباً ، وأن تَمُنَّ عَلَيَّ بِفَكاكِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
وأسأَلُكَ بِجَميعِ ما سَأَلتُكَ وما لَم أسأَلكَ مِن عَظيمِ جَلالِكَ ، ما لَو عَلِمتُهُ لَسَأَلتُكَ بِهِ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وأهلِ بَيتِهِ ، وأن تَأذَنَ لِفَرَجِ مَن بِفَرَجِهِ فَرَجُ أولِيائِكَ وأصفِيائِكَ مِن خَلقِكَ ، وبِهِ تُبيدُ الظّالِمينَ وتُهلِكُهُم ، عَجِّل ذلِكَ يا رَبَّ العالَمينَ ، وأعطِني سُؤلي يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ في جَميعِ ما سَأَلتُكَ لِعاجِلِ الدُّنيا وآجِلِ الآخِرَةِ .
يا مَن هُوَ أقرَبُ إلَيَّ مِن حَبلِ الوَريدِ ، أقِلني عَثرَتي وأقِلني بِقَضاءِ حَوائِجي ، يا خالِقي ويا رازِقي ويا باعِثي ، ويا مُحيِيَ عِظامي وهِيَ رَميمٌ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ واستَجِب لي دُعائي يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
فَلَمّا فَرَغَ رَفَعَ رَأسَهُ ، قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ! سَمِعتُكَ وأنتَ تَدعو بِفَرَجِ مَن بِفَرَجِهِ فَرَجُ أصفِياءِ اللّهِ وأولِيائِهِ ، أَوَ لَستَ أنتَ هُوَ؟
قالَ : «لا ، ذاكَ قائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام» .
قُلتُ : فَهَل لِخُروجِهِ عَلامَةٌ؟
قالَ : «نَعَم ، كُسوفُ الشَّمسِ عِندَ طُلوعِها ثُلُثَي ساعَةٍ مِنَ النَّهارِ ، وخُسوفُ القَمَرِ ثَلاثٍ وعِشرينَ ، وفِتنَةٌ يَصِلُ أهلَ مِصرَ البَلاءُ وقَطعُ السَّبيلِ ، اِكتَفِ بِما بَيَّنتُ لَكَ ، وتَوَقَّع أمرَ صاحِبِكَ لَيلَكَ ونَهارَكَ ، فِإِنَّ اللّهَ كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ لا يَشغَلُهُ شَأنٌ عَن شَأنٍ ، ذلِكَ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ ، وبِهِ تَحصينُ أولِيائِهِ وهُم لَهُ خائِفونَ» . ۲