۳۶۲.الإمامُ الصّادقُ عليه السلام :لَمَّا صُرِعَ زَيدُ بنُ صَوحانَ ۱ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيه يَومَ الجَمَلِ جاءَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام حَتّى جَلَسَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقالَ : يَرحَمُكَ اللّهُ يا زَيدُ ، قَد كُنتَ خَفيفَ المَؤونَةِ عَظيمَ المَعونَةِ . ۲
۳۶۳.الغارات عن الأسوَد بن قَيس :جاءَ عَليُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلامعائِداً صَعصَعَةَ ۳ فَدَخَلَ عَلَيهِ فَقالَ لَه يا صَعصَعَةُ ، لاتَجعَلَنَّ عِيادَتي إلَيكَ اُبَّهَةً عَلى قَومِكَ. ۴
فَقالَ : لا وَاللّهِ يا أميرَالمُؤمِنينَ ، وَلكن نِعمَةً وَشُكراً.
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : إن كُنتَ لِما عَلِمتُ لَخَفيفُ المَؤونَةِ عَظيمُ المَعونَةِ . ۵
1.زيد بن صوحان أخو صعصعة وسيحان كان خطيباً مصقعاً وشجاعاً ثابت الخطى وكان من العظماء والزّهاد والأبدال ومن أصحاب أمير المؤمنين الاوفياء.
أسلم في عهد النبي صلى الله عليه و آله فعدّ من الصحابة وله وفادة على النبي صلى الله عليه و آله وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيذكره بخير ويقول : «من سرّه أن ينظر إلى رجل يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة فلينظر إلى زيد بن صوحان» . وكان لزيد لسان ناطق بالحقّ مبيّن للحقائق فلم يطق عثمان وجوده بالكوفة فنفاه إلى الشام واشترك في حرب الجمل وأخبر بشهادته. كتبت إليه عائشة تدعوه إلى نصرتها ، فلمّا قرأ كتابها نطق بكلام رافع نابه. فقال : اُمرَت بأمرٍ واُمرنا بغيره فركبَت ما اُمرنا به وأمرتنا أن نركب ما اُمرَت هي به! اُمرت أن تقرّ في بيتها واُمرنا أن نقاتل حتّى لاتكون فتنة ، والسلام» (موسوعة الإمام علي بن أبي طالب : ۱۲ / ۱۳۳).
2.رجال الكشي : ۱ / ۲۸۴ / ۱۱۹.
3.صعصعة بن صوحان بن حُجْر العبدي ، كان مسلما على عهد النبيّ صلى الله عليه و آلهولم يره . وكان من كبار أصحاب الإمام عليّ عليه السلام ، ومن الذين عرفوه حقّ معرفته كما هو حقّه ، وكان خطيبا شحشحا بليغا . ذهب الأديب العربي الشهير الجاحظ إلى أ نّه كان مقدّما في الخطابة . وأدلّ من كلّ دلالة استنطاق عليّ بن أبي طالب عليه السلامله .
أثنى عليه أصحاب التراجم بقولهم : كان شريفا ، أميرا ، فصيحا ، مفوّها ، خطيبا ، لسنا ، ديّنا ، فاضلاً . نفاه عثمان إلى الشام مع مالك الأشتر ورجالات من الكوفة . وعندما ثار الناس على عثمان ، واتّفقوا على خلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قام هذا الرجل الذي كان عميق الفكر ، قليل المثيل في معرفة عظمة عليٍّ عليه السلامـ وكان خطيبا مصقعا ـ فعبّر عن
4.اعتقاده الصريح الرائع بإمامه ، وخاطبه قائلاً : واللّه يا أمير المؤمنين ! لقد زيّنت الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، ولهي إليك أحوج منك إليها .
وعندما أشعل موقدو الفتنة فتيل الحرب على أمير المؤمنين عليه السلام في الجمل ، كان إلى جانب الإمام ، وبعد أن استشهد أخواه زيد وسيحان اللذان كانا من أصحاب الألوية ، رفع لواءهما وواصل القتال . وفي حرب صفّين ، هو رسول الإمام عليه السلام إلى معاوية ومن اُمراء الجيش وراوي وقائع صفّين .
وقف إلى جانب الإمام عليه السلام في حرب النهروان ، واحتجّ على الخوارج بأحقّيّة إمامه وثباته . وجعله الإمام عليه السلام شاهدا على وصيّته ، فسجّل بذلك فخرا عظيما لهذا الرجل . ونطق صعصعة بفضائل الإمام ومناقبه أمام معاوية وأجلاف بني اُميّة مرارا ، وكان يُنشد ملحمة عظمته أمام عيونهم المحملقة ، ويكشف عن قبائح معاوية ومثالبه بلا وجل .
وكم أراد منه معاوية أن يطعن في عليّ عليه السلام ، لكنّه لم يلقَ إلاّ الخزي والفضيحة ، إذ جُوبِه بخطبه البليغة الأخّاذة .
آمنه معاوية مكرها بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام وصلح الإمام الحسن عليه السلام ، فاستثمر صعصعة هذه الفرصة ضدّ معاوية . وكان معاوية دائم الامتعاض من بيان صعصعة الفصيح المعبّر وتعابيره الجميلة في وصف فضائل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يخفِ هذا الامتعاض . إنّ ما ذكرناه بحقّ هذا الرجل غيض من فيض . وستلاحظون عظمة هذه الشخصيّة المتألّقة في النصوص التي سننقلها لاحقا . وكفى في عظمته قول الإمام الصادق عليه السلام : ما كان مع أمير المؤمنين عليه السلام من يعرف حقّه إلاّ صعصعة وأصحابه . توفّي صعصعة أيّام حكومة معاوية . (موسوعة الإمام علي عليه السلام : ج۱۲ ، ص۱۷۳)
5.الغارات : ۲ / ۵۲۴.